تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قول الشيخ الألباني رحمه الله عن (يونس) أنه " من رجال مسلم " فيه نوع تجوّز، و كذلك قول مَن يقول: روى له في الشواهد. فالإمام مسلم لم يذكره إلا مرة واحدة تبعاً، مقروناً بوكيع. و كما هو مقرر فإنه " يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً ".

هذا فيما يتعلق بالعلة الأولى،

و أما العلة الثانية: فجهالة الهيثم بن عمران العنسي، و قد أشار الطبراني إلى ذلك بقوله: لم يرو هذا الحديث عن الأزرق إلا الهيثم، تفرد به يونس بن بكير.اهـ

قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري " (6/ 63): الهيثم هذا غير معروف.

قلت: لم يتابع يونسَ بن بكير أحدٌ على قوله: " يعجن ". و قد ورد حديث ابن عمر رضي الله عنهما من وجوه عدة لم يذكر أحد منهم ما ذكر يونس.

فعن الأزرق بن قيس قال: رأيت ابن عمر في الصلاة يعتمد إذا قام، فقلت: ما هذا؟ قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ".

أخرجه الطبراني في " الأوسط " برقم (3347)، من طريق الهيثم و فيه ضعف. و هو الذي ذكره الشيخ رحمه الله متابعاً ليونس، و لعلك اكتشفت أن المتابعة ليست إلا على وجه واحد و هو الإعتماد و ليس العجن الذي يُرَوّجُ له، فتنبه.

و عن الأزرق بن قيس أيضاً قال: "رأيت ابن عمر نهض في الصلاة ويعتمد على يديه ". أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " (3996) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة به.

و هذا أصح من رواية يونس، و رجاله رجال الشيخين. و يؤيده رواية نافع و هو من أخص أصحاب ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه ابن أبي شيبة (3997) و عبد الرزاق (2964).

و عن الأزرق أيضاً قال: " رأيت ابن عمر إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه فقلت لولده و لجلسائه: لعله يفعل هذا من الكبر؟ قالوا: لا و لكن هذا يكون ".

أخرجه البيهقي (2632) من رواية حماد بن سلمة به.

و لعلك أيها اللبيب قد اكتشفت - من خلال هذا العرض - مخالفة (يونس) مَن هم أحفظ منه و أكثر عدداً. و تبيّن لك خطؤه في الإنفراد بتلك اللفظة المنكرة.

هذا فيما يتعلق بالحديث من جهة الرواية، و أما فيما يتعلق به من جهة الدراية فاعلم أن قوله: " يعجن " ليس معناها قبض اليد كما توهم بعضٌ فأدخل في الصلاة ما ليس منها، و إنما المراد بها ما قاله أهل اللغة و أهل العلم.

قال الحربي راوي الحديث (2/ 526): قوله: رأيتُ ابنَ عمر يعجن أَى يضع يديه على الأرض كما يصنع الذى يعجن العجين.اهـ أي أنه مُنْكَبٌّ كهيئة العاجن.

و في " لسان العرب " (13/ 277): يَعْجِنُ في الصلاة أَي يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يَعْجِنُ العَجينَ.اهـ

و في " المصباح المنير " للفيومي (2/ 395): وقال الجوهري: (عَجَنَ) إذا قام معتمداً على الأرض من كبر. وزاد ابن فارس على هذا: كأنه (يَعْجِنُ). قال بعض العلماء: و المراد التشبيه في وضع اليد والإعتماد عليها لا في ضمّ الأصابع.اهـ

قلت: و هو ظاهر سياق الحديث لمن تأمل، فقوله " يعتمد ... " تفسير لقوله " يعجن " و لذلك لم يعطف بينهما. و يبيّن هذا أكثر رواية الطبراني: " قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجن في الصلاة؛ يعني يعتمد ". و ليس بعد هذا البيان بيان!

و أما ما يفعله بعضهم من قبض أصابع الكف و ضمها و الإتكاء عليها عند النهوض فلا أصل له في السنة الصحيحة.

قال ابن الصلاح: و عمل بهذا كثير من العجم , و هو إثبات هيئة شرعية في الصلاة لا عهد بها , بحديث لم يثبت , و لو ثبت لم يكن ذلك معناه , فإن العاجن في اللغة: هو الرجل المسن , قال الشاعر: فشر خصال المرء كنت وعاجن.

قال: فإن كان وصف الكبر بذلك مأخوذا من عاجن العجين فالتشبيه في شدة الاعتماد عند وضع اليدين لا في كيفية ضم أصابعها.اهـ من التلخيص (1/ 260)

ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[19 - 05 - 07, 02:21 ص]ـ

أنا أناقشك في حكمك على الراوي بالذات وأناقش منهجك في الحكم على الرواة

أنا لا أدرس الراوي بمعزل عن روايته ... بل أنظر في روايته أولا، فإن رأيتُ فيها مخالفة أو تفردا، نظرت في قول الأئمة فيه. مستعينًا بأهل الإستقراء منهم كالحافظ ابن حجر و الذهبي. ثم رجحتُ أقرب الأقوال مناسبة للقرائن المحتفة بروايته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير