و أما طريق المسيب بن واضح فأمرها واضح؛ المسيب هذا، قال الحافظ في ترجمته في " لسان الميزان " (6/ 40):
وقال الساجي: تكلموا فيه في أحاديث كثيرة. وقال ابن عدي في ترجمة (عبد الوهاب بن الضحاك): سمعت عبدان يقول: كان عبد الوهاب يقول: سمعت حديث إسماعيل بن عباس كله. قال فقلت لعبدان: أيما أحب إليك هذا أو المسيب بن واضح؟ فقال: كلاهما سواء. قلت (أي الحافظ): و عبد الوهاب هذا ضعيف جداً؛ قال أبو داود: كان يضع الحديث. وقال النباتي والدارقطني والعقيلي: متروك. و قال الجوزقاني: كان كثير الخطأ والوهم. وذكره ابن حبان في الثقات.اهـ
قلت: ذكره ابن حبان في " الثقات " (9/ 204) و قال: و كان يخطئ.اهـ
و قال ابن الجوزي في " الضعفاء و المتروكين " (3/ 121): المسيب بن واضح كثير الوهم. قال الدارقطني: المسيب ضعيف.اهـ
و قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " (8/ 294): سئل أبى عنه؟ فقال: صدوق كان يخطىء كثيراً، فإذا قيل له لم يقبل.اهـ قلت: و هذا عند عامة العلماء روايته مردودة. فالعجب من الشيخ الألباني رحمه الله كيف صحح إسناده. مع التنبيه أن صحة الإسناد لا تعني بالضرورة صحة الحديث.
على أن مدار الوهم و الخطأ في حديث سعيد بن أبي عروبة هو (عيسى بن يونس)، و قد أشار أبو داود إلى ذلك فقال:
وحديث سعيد عن قتادة رواه يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم،لم يذكر القنوت، ولا ذكر أبياً.
قال أبو داود: وكذلك رواه عبد الأعلى، و محمد بن بشر العبدي وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس، ولم يذكروا القنوت.
وقد رواه أيضا هشام الدستوائي وشعبة عن قتادة ولم يذكرا القنوت.اهـ
قلت: و رواه عن سعيد أيضاً:
عبد العزيز بن عبد الصمد: أخرجه النسائي (1754)
و عبد العزيز بن خالد: أخرجه النسائي أيضاً (1701)
و محمد بن بشر: أخرجه النسائي في " الكبرى " (10578) و " عمل اليوم و الليلة " (742).
كلهم لا يذكرون القنوت و يتفقون مع أصحاب قتادة الأثبات في اللفظ، منهم:
شعبة: أخرجه أحمد (15392 – 15393 - 15396) و النسائي (1740).
و همام: أخرجه أحمد في " مسنده " (15391).
و هشام: أخرجه النسائي (1755) مرسلاً.
و معمر: رواه عن قتادة عن سعيد، أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (4695)
فهؤلاء جميعاً خالفهم عيسى بن يونس في رواية المسيب عنه و رواية ابن نصر، مما يدل على عدم ضبطه.
و على الرغم من تلك العلل التي ذكرها أبو داود، و هي حجة ظاهرة لمن أعطاها حقها من التأمل، فإن الشيخ الألباني رحمه الله أصرّ على تصحيح الحديث، و قال: وهذا الإعلال ليس بشئ لاتفاق الجماعة من الثقات على رواية هذه الزيادة فهي مقبولة.اهـ
أقول: سبحان الله! كيف يكون كلام أحمد و أبي داود و النسائي و غيرهم من الأئمة ليس بشيء؟ و هم أدرى من غيرهم بمداخل كل رواية و مخارجها؛ قال الشيخ مقبل رحمه الله في " المقترح ":
العلماء المتقدمون حفاظ، يحفظون رواية الشيخ، ورواية طلبته، ورواية شيخه، ولا أقصد الرواية الواحدة، بل يحفظون كم روى الشيخ، وكم روى التلميذ، وكم روى تلميذ التلميذ، فإذا زاد واحد منهم زيادة وهم يعلمون أنّها ليست من حديث ذلك الشيخ حكموا عليها بأنّها غير مقبولة، وإذا تفرد واحد منهم بزيادة وهم قد عرفوا أنّها من رواية ذلك الشيخ فإنّهم يقبلونها.اهـ
و لا أدري عن أيّ ثقات يتكلم الشيخ الألباني رحمه الله؟ و قد رأينا أن:
الرواية الأولى فيها (مخلد بن يزيد) و قد جمع بين قلة الضبط و كثرة الخطإ، فزاد ما لم يزده الثقات الأثبات المتقنين من أصحاب سفيان، فهل يُقبَل مثل هذا الوهم؟
و الرواية الثانية فيها (فطر بن خليفة) و هو في أحسن الأحوال مختَلَفٌ فيه، انفرد برواية الحديث عنه (عيسى بن يونس)، و حديثه ليس بالمشهور.
و الرواية الثالثة فيها (محمد بن يونس) الكديمي؛ كذّاب وضّاع، وحديثه ساقط.
¥