تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و الملاحظ أن هذه الروايات الثلاث معلولة من جهة الإسناد؛ فقد أُسقطت الواسطة بين زبيد و سعيد بن عبد الرحمن. و المحفوظ من رواية المتثبتين كشعبة و الأعمش يروونه عن زبيد عن ذر. و قد أشار إلى هذه العلة الإمام النسائي في " السنن " (1/ 449) و لمح إليها الحافظ المزي في " تهذيب الكمال " (10/ 524)

و الرواية الرابعة فيها (عيسى بن يونس) و هو ثقة إلا أنه خالف مَن هم أتقن منه و أكثر. و مع ذلك فقد وافقهم في رواية عنه من وجه صحيح، و ما خالف فيه فهو على وجهين؛ شاذّ لا يُستَشهَد به و لا يُستَشهَد له، و منكر ضعيف.

هذا، إضافة إلى علة في إسناده؛ و هي إسقاط الواسطة بين قتادة و سعيد بن عبد الرحمن و هو (عزرة) كما روى الأثبات من أصحاب ابن أبي عروبة و قتادة، و هو المحفوظ كما قال الحافظ في " تهذيب التهذيب " (3/ 279).

و بعد هذا العرض فلا ينبغي أن يتردد أحد في عدم ثبوت القنوت في الوتر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم. و هذا هو الذي شهد به الأئمة من السلف؛ قال ابن القيم رحمه الله في " الزاد " (1/ 323):

وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: أختار القنوت بعد الركوع. إنَّ كُلَّ شيء ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت إنما هو في الفجر لما رفع رأسه من الركوع. و قنوت الوتر أختاره بعد الركوع، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر قبل أو بعد شئ. و قال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال أنه قال لأبي عبد الله في القنوت في الوتر؟ فقال: ليس يروى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة.اهـ

و في " المدونة الكبرى " (1/ 289):

و قال مالك في الحديث الذي يذكره " ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان ". قال: ليس عليه العمل ولا أرى أن يعمل به، و لا يقنت في رمضان؛ لا في أوله ولا في آخره، و لا في غير رمضان و لا في الوتر أصلا.اهـ

و قال الإمام ابن خزيمة في " صحيحه " (2/ 150):

و لست أحفظ خبراً ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر، وقد كنت بينت في تلك المسألة علة خبر أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر القنوت في الوتر، و بينت أسانيدها وأعلمت في ذلك الموضع أن ذكر القنوت في خبر أبيّ غير صحيح.اهـ

و قال أبو داود (1/ 454) - بعد أن ذكر أثرين عن قنوت أبيّ في النصف الثاني من رمضان -:

وهذا يدل على أن الذي ذكر في القنوت ليس بشىء. و هذان الحديثان يدلان على ضعف حديث أبيّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر.اهـ

و قال ابن عبد البر في " الإستذكار " (2/ 77): لا يصح عن النبي عليه السلام في القنوت في الوتر حديث مسند.اهـ

قلت: و منه حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما: " اللهم اهدني فيمن هديت ... إلخ "، قال الحافظ في " التلخيص " (1/ 247):

نبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله " في قنوت الوتر " تفرد بها أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم وتبعه ابناه يونس وإسرائيل، كذا قال. قال: و رواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه، فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر وإنما قال: " كان يعلمنا هذا الدعاء ".

قلت (أي الحافظ): ويؤيد ما ذهب إليه ابن حبان أن الدولابي رواه في " الذرية الطاهرة " له، و الطبراني في " الكبير " من طريق الحسن بن عبيد الله عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء به. و قال فيه: " وكلمات علمنيهن " فذكرهن قال بريد: فدخلت على محمد بن علي في الشعب فحدثته فقال: صدق أبو الحوراء هن كلمات علمناهن نقولهن في القنوت.اهـ

قلت: و تابع شعبةَ (العلاء بن صالح) و هو لا بأس به، وحديثه عند البيهقي في " الكبرى " (2958) من رواية محمد بن بشر.

فالصحيح أن الدعاء الوارد في الحديث مطلق و هو المحفوظ، و تقييده بقنوت الوتر شاذّ. و قد نبّه على ذلك حذّاق المحدثين و محققيهم.

قال عبد الله بن أحمد: حدثني ابن خلاد قال: سمعت يحيى يقول: كان شعبة ينكر القنوت في الوتر.اهـ من " العلل " (4994)

ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[19 - 05 - 07, 09:55 م]ـ

و من (وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير