فيه استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب و السماع منه، و يستحب أن يكون المنبر على يمين المحراب مستقبل القبلة، فإن لم يكن منبر فموضع عال، و إلا فإلى خشبة للإتباع، فإنه كان يخطب إلى جذع قبل اتخاذ المنبر، فلما صنع تحول إليه. و يكره المنبر الكبير جدا الذي يضيّق على المصلين إذا لم يكن المسجد متسعا.اهـ
فأنت ترى أن أحدًا من العلماء لم يقل ببدعية الزيادة على عدد معيّن من الدرجات، و إنما كانوا يكرهون الكبر غير الملائم لسعة المسجد الذي يؤدي إلى التضييق على المصلين من غير حاجة.
هذا، و أحال الشيخ الألباني رحمه الله في آخر تعليقه على " الفتح " بطريقة توهم - أو على الأقل أوهمتني - أنّ فيه ما يؤيّده فيما ذهب إليه من التبديع. و لكنني حينما رجعتُ إلى الموضع المذكور لم أجد أكثر من حكاية الحافظ لقصة أول زيادة لدرجات المنبر، و فيه قوله (2/ 399): " ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله ... إلى أن قال: ... وقال – يعني مروان -: إنما زدت فيه حين كثر الناس ".اهـ
و لم يعقب الحافظ على ما ذكر بشيء، بل سكت كالمقر له.
أرجو أن يتسع صدر الأخ عبدالوهاب للنقاش في هذه المسألة
أفهم من الكلام السابق أن رفع المنبر عن الثلاث درجات كان لأمرين
الأول إسماع الناس
الثاني ظهور الخطيب ليراه الناس
أما الأول فاليوم عصر المكبرات الصوتية فلو استلقى الإمام على ظهره لسمعه الناس
فإن قيل هي لا تدوم
قلنا وهل اطلعتم على الغيب وإن انقرضت ففي ذلك الوقت ارفعوا المنبر عن الثلاث درجات والحكم الشرعي يدور مع علته وجوداً وعدماً
وأما الثاني فاليوم في عصر تعدد الجمع في المنطقة الواحدة لم يعد متعذراً على المأمومين رؤية الإمام حتى لو وقف على رجليه
وعدم رؤية بعض المأمومين للإمام ليس سببه ارتفاع المنبر أو نزوله بل سببه الحاجز المبني في منتصف المسجد
ثم إنه في عصر الخلفاء الراشدين اتسعت رقعة الدولة الإسلامية اتساعاً باهراً ومع ذلك لم يرفعوا المنبر متعللين بكثرة الناس المستمعين للخطبة
والخلاصة أنه لو ثبت أن المصلحتين السابقتين لا تتحققان إلا برفع المنبر فلا ضير ولكننا ننازع في عدم تحقق هاتين المصلحتين _ في هذا العصر_ بدون رفع المنبر
ولو انطبق ذلك على بعض المناطق لما انطبق على البعض الآخر
فالأولى ابقاؤه على كان عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخلفاؤه
ـ[عبدالوهاب مهية]ــــــــ[21 - 05 - 07, 08:52 ص]ـ
أرجو أن يتسع صدر الأخ عبدالوهاب للنقاش في هذه المسألة
أفهم من الكلام السابق أن رفع المنبر عن الثلاث درجات كان لأمرين
الأول إسماع الناس
الثاني ظهور الخطيب ليراه الناس
أما الأول فاليوم عصر المكبرات الصوتية فلو استلقى الإمام على ظهره لسمعه الناس
فإن قيل هي لا تدوم
قلنا وهل اطلعتم على الغيب وإن انقرضت ففي ذلك الوقت ارفعوا المنبر عن الثلاث درجات والحكم الشرعي يدور مع علته وجوداً وعدماً
نعم، الحكم يدور مع العلة وجودا و عدما.
و وجود العلة قسمان؛ حقيقة و حكما، أي في حكم الوجود.
و ما دام أننا على علم من أن تيار مكبر الصوت ممكن أن ينقطع في أي لحظة، فالحكم هنا هو التعامل معها على أنها معدومة.
وأما الثاني فاليوم في عصر تعدد الجمع في المنطقة الواحدة لم يعد متعذراً على المأمومين رؤية الإمام حتى لو وقف على رجليه
و كذلك كان الحال في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
و لكنه مع ذلك، اتخذ المنبر مبالغة منه لظهور شخصه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ثم إنه في عصر الخلفاء الراشدين اتسعت رقعة الدولة الإسلامية اتساعاً باهراً ومع ذلك لم يرفعوا المنبر متعللين بكثرة الناس المستمعين للخطبة
أما في المدينة، فلم يكن أحد ليجرأ على تغيير منبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
و أما في غيرها من حظائر الإسلام، فليس ثمة دليل على وقوعه أو عمده.
والخلاصة أنه لو ثبت أن المصلحتين السابقتين لا تتحققان إلا برفع المنبر فلا ضير ولكننا ننازع في عدم تحقق هاتين المصلحتين _ في هذا العصر_ بدون رفع المنبر
ولو انطبق ذلك على بعض المناطق لما انطبق على البعض الآخر
¥