تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المضافة إليه، وفاعلها مباشر فى رأى الفقهاء عامة، متى كان من شأن فعله أن أثر فى التلف وحصله بذاته. ()

116 - أثر نوع الآلة وحصول النتيجة على ضابط المباشرة:

فى الأمثلة السابقة كانت الآلة حسية، وكما هو ظاهر منها، فقد وقع اتصال مادى بين الفاعل وشخص المضرور، أو متاعه، والمباشرة بهذه الصورة محل اتفاق بين الفقهاء. أما إن كانت الآلة معنوية، بحيث لم يقع اتصال مادى بين الفاعل ومحل الضرر، فقد وقع نزاع فى تقدير هذه الصورة، فمثلا فيما لو " حبس رجلا ومنعه من الطعام والشراب، أو طين على أحد بيتا حتى مات جوعا أو عطشا " فالفاعل مباشر فى قول جمهور الفقهاء. ()

ويرى الصاحبان من الحنفية، والشافعية - على المشهور – والزيدية أنه تسبب. () وقال الإمام أبو حنيفة:لا شئ، لأن الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالتطيين، ولا صنع لأحد فى الجوع والعطش ()

وللصاحبين والشافعية ومن معهم: أن الحبس مع منع الطعام ترتب عليه الهلاك – لأنه لا بقاء لآدمى إلا بالأكل والشرب – ولكنه لم يحصله بذاته، لأن الهلاك بالجوع لا بالحبس ()

وللجمهور: أنه فعل به فعلا يقتل غالبا،لأن الحبس مع منع الطعام مدة لا يعاش مثلها يؤثر فى الهلاك ويحصله ضرورة ولا معنى للآلة إلا هذا " ()

وظاهر من الخلاف: أنه باعتبار أنه لم يصل من الفاعل إلى محل الضرر شئ فالفعل لا يعد مباشرة كما هو رأى بعض الفقهاء، وبمراعاة أن الفعل من شأنه أنه يؤثر فى الهلاك ويحصله بذاته فهو مباشرة كما هو رأى الجمهور.

وفى الأمثلة المذكورة، وفيما إذا " ألقاه من شاهق أو غرقه بالماء " () معنى آخر هو أنه إذا لم يتراخ المعنى " الإتلاف " عن الصورة " الفعل " فالواقعة مباشرة باتفاق، ولكن إذا حدث تراخ بينهما احتمل المعنى أن يكون متولد الفعل، أو متولد ما يتولد عنه، - وهذا الأخير هو السبب – والأصل إضافة الحدث إلى أقرب أوقاته، أو إلى أقرب سبب يمكن حمله عليه () وذاك هو ملحظ الشافعية ومن معهم، فتعتبر الواقعة تسببا من هذا الوجه.

117 - 2 – المباشرة حصول الهلاك بالفعل من غير توسط

وقد يعبر عنه بأن " يكون الفعل قد أثر فى الهلاك وحصله بذاته " () ويكون كذلك ما لم تتدخل واسطة أو أكثر بين الفعل والنتيجة، وبهذا الضابط يقول جمهور الفقهاء، كما يظهر من تعليل الخلاف السابق. ()

ولكن على الرغم من اتفاق الجمهور على هذا الضابط إلا أنه بمراعاة الأمثلة التطبيقية يلحظ وقوع اختلافات فى تقدير بعض الأفعال، فمثلا من " فتح زقا () فيه سمن فأذابته الشمس فسال، فالفاتح متسبب فى رأى جمهور الفقهاء، مباشرة فى رأى أهل الظاهر، وقال بعض المالكية: إنه سبب فى معنى المباشرة () وبهذا قيل فيمن فتح قفص طائر فطار ().

ومن " ألقى حية على أحد فنهشته فمات" فالملقى: متسبب فى رأى الجمهور، مباشر فى قول الشافعية إذا قلنا إن الإلقاء فى معنى الضغط – وهو قول أهل الظاهر والإمامية وأورده ابن قدامة فى المباشرات ()، وفى معناه من ألقى أحدا فى مسبعة أو أغرى به كلبا عقورا فعضه، وكذا من قاد دابة أو ساقها فأصابت فهو متسبب فى قول الأكثرين،لأن غاية فعله التقريب إلى موضع الجناية ().

وكما هو واضح من الأمثلة فإن سبب الخلاف مرده إلى تقدير الوسائط بين الفعل والضرر، فالجمهور على أنها علل المضار أو محصلاتها بصرف النظر عن كنهها واشتراط العقل والاختيار فيها. بينما يرى بعض الفقهاء أن هذه الوسائط لا تعدو أن تكون آلات الفاعل فى إيجاد الضرر، وذلك لأنه لا يمكن الإحالة عليهما لإنعدام العقل أو الاختيار فى حقها () وهذا ينقلنا إلى مفهوم الواسطة التى تقطع المباشرة.

118 - . . مفهوم الواسطة

كما وضح فإن الجمهور على أن الواسطة هى كل ما يحال الهلاك علي فعله عاقلا أو حيوانا أو جمادا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير