[العيد مع الجمعة]
ـ[معاذ السعدي]ــــــــ[15 - 10 - 07, 01:18 ص]ـ
ماهي اقوال الفقهاء فيما اذا اجتمع العيد مع الجمهع بالنسبه للصلاه
ـ[أبو ياسر الهشتوكي]ــــــــ[15 - 10 - 07, 01:35 ص]ـ
اجتماع العيد والجمعة:
اتفق أهل العلم على استحباب حضور العيد والجمعة، واختلفوا فيمن حضر العيد هل يُرخّص له في ترك الجمعة أو لا؟
على أربعة أقوال:
القول الأول: الرخصة لأهل البر والبوادي في ترك الجمعة ويصلونها ظهرًا.
وهو قول الشافعي، ورواية عن مالك [1].
قال الشافعي: "وإذا كان يوم الفطر يوم الجمعة صلّى الإمام حين تحلّ الصلاة، ثم أذن لمن حضره من غير
أهل المصر في أن ينصرفوا إن شاؤوا إلى أهليهم ولا يعودون إلى الجمعة" [2].
وقال: "ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر أن يدعوا أن يجمعوا إلا من عذر يجوز لهم به ترك الجمعة،
وإن كان يوم عيد" [3].
القول الثاني: أنّ الجمعة واجبة على كل من صلى العيد. وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن مالك،
واختيار ابن حزم، وابن المنذر، وابن عبد البر [4].
قال أبو حنيفة: "عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سنة، والآخر فريضة، ولا يترك واحد منهما" [5].
وروى ابن القاسم عن مالك أنّ ذلك –ترك الجمعة– غير جائز، وأن الجمعة تلزمهم على كل حال" [6].
القول الثالث: أنّ من شهد العيد سقطت عنه فرضية الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها
من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد. وهو مذهب الحنابلة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية [7].
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟ قال: لا بأس به، أرجو أن يجزئه [8].
القول الرابع: أنّ الجمعة والظهر يجزئ عنهما صلاة العيد. وهو قول عطاء رحمه الله تعالى.
قال عطاء: "اجتمع يوم فطر ويوم جمعة على عهد ابن الزبير، فقال: (عيدان اجتمعا في يوم واحد)
، فجمعهما جميعًا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليها حتى صلى العصر" [9].
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول بأدلة منها:
1 - بما روي عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: (أيها الناس، إنّ هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحبّ أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحبّ أن يرجع فقد أذنت له) [10].
2 - ما روي عن عمر بن عبد العزيز قال: اجتمع عيدان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس في غير حرج) [11].
أدلة القول الثاني: استدلوا بأدلة منها:
1 - قوله تعالى: ? يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله?، ولم يخص عيدًا من غيره، فوجب أن يحمل على العموم.
2 - قالوا: ليس للإمام أن يأذن في ترك الفريضة، وفعل عثمان اجتهاد منه، وإنّما ذلك بحسب العذر، فمتى أسقطها العذر سقطت.
أدلة القول الثالث: استدلوا بأدلة منها:
1 - حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه عن الجمعة، وإنّا مجمعون)) [12].
2 - ما روي عن إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية مع أبي سليمان وهو يسأل زيد بن أرقم، قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى للعيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصل [13].
3 - حديث ابن عمر قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى بالناس، ثم قال: (من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف) [14].
أدلة القول الرابع:
مضى أنّ معتمد عطاء هو فعل ابن الزبير، فعن ابن جريج قال: قال عطاء: إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما، فليصل ركعتين فقط، حيث يصلي صلاة الفطر ثم هي هي حتى العصر، ثم أخبرني عند ذلك قال: اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد زمن الزبير، فقال الزبير: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فليجمعهما جميعًا يجعلهما واحدًا، وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر، ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر.
قال: فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه. قال: ولقد أنكر ذلك عليه، وصليت الظهر يومئذ.
قال: حتى بلغنا بعدُ أن العيدين كانا إذا اجتمعتا كذلك صليا واحدة، وذكر ذلك عن محمد بن علي بن الحسن، أخبر أنهما كانا يجمعان إذا اجتمعا. قال: إنه وحده في كتاب لعلي زعم [15].
الترجيح:
أول الأقوال استبعادًا القول الثالث الذي اختاره ابن تيمية؛ لأنّ الأحاديث التي في الباب لا تسلم من مطعن.
أمَّا القول بالرخصة لأهل البوادي استنادًا على أثر عثمان فلا مفهوم له، لأنّ أهل البوادي لا تجب عليهم الجمعة إلا إن قلنا إن حضورهم إلى المصر يلزمهم الجمعة فاحتاجوا إلى الرخصة، ولأنّ حبسهم في البلد يتنافى مع مقاصد العيد من إشاعة البهجة والسرور.
وفي إلزام هؤلاء ومن في حكمهم ممن يشق عليهم حضور الجمعة في العيد الذي يطلب فيه الانشراح والانبساط وإشاعة المرح والفرح تضييق عليهم، وفي الترخيص لهم رفع للحرج عنهم.
وعليه؛ فإنّ القول الراجح هو قول الشافعي ومن وافقه من أهل العلم، أنّ الرخصة في ترك حضور الجمعة لمن حضر العيد من أهل البوادي والقرى ومن يشق عليهم الحضور.
أمّا قول عطاء؛ فقول مهجور، مخالف لقواعد وأصول الشريعة.
قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن فرائض الصلوات خمس، وصلاة العيدين ليست من الخمس" [16].
وقال ابن عبد البر: "ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة، وأي الأمرين كان، فإنّ ذلك أمر متروك مهجور، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر، فإن الأصول كلها تشهد بفساد هذا القول" [17]. والله أعلم.
¥