تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقوله: [طهورٌ كثيرٌ] أي: ماء طهور قلتان، فأكثر؛ لأن الكثير ما بلغ القلتين فأكثر، ومثال ذلك: لو كان هناك ماء يسير وقع فيه بول، وهو دون القلتين حكمنا بنجاسته بمجرد وقوع النجاسة فيه على المذهب، وكما تقدم في المسائل السابقة التي ذكرها رحمه الله، فإذا أردت تطهيره أضفت إلى هذا الماء طهوراً بلغ القلتين، فأكثر، فإذا أضفته، وزال التغيّر بعد الإضافة حكمنا بكونه صار طهوراً بالمكاثرة.

وعليه فإن مفهوم قوله: [كثير] أننا لو أضفنا ما دون القلتين إلى النجس لم يطهر، بل بقي على أصله وحُكِمَ بتأثر المضاف بملاقاته للنجس، لأنه يسير ورد على متنجس، فتنجس بمجرد ملاقاته.

وقوله رحمه الله: [غيرَ ترابٍ] أن التراب إذا وضع في ماء يسير وقعت فيه نجاسة، ولم تغيره، ثم استقر التراب في قاع الماء لم يحكم بطهورية الماء، وقوله: [ونحوه] أي المواد المؤثرة في النجاسة كالتراب، ويتفرع عليه ما يفعل في زماننا من إضافة المواد التي تقوم بمعالجة النجاسة الموجودة في المياه فإنها لا توجب الحكم بزوال النجاسة كالحال في التراب.

وقوله رحمه الله: [أو نُزِحَ منه فبَقي بعدَه كثيرٌ غيرَ متغيّرٍ طَهُر] أي أن الماء إذا وقعت النجاسة فيه وكان كثيراً فغيّرته مثل ماء بئر فوق القلتين، فإذا نزحنا النجاسَة، والماءَ المتغير بها، ثم بقي بعد ذلك ماء كثير حكمنا بكونه طهوراً، لأنه كالماء الجديد، فهناك شرطان:

الشرط الأول: أن يكون الباقي فوق القلتين، وهو ما أشار إليه بقوله: [فبَقِيَ بعدَه كَثيرٌ].

والشرط الثاني: أن يكون غير متغير في أوصافه وهو ما أشار إليه بقوله: [غيرَ متغيّرٍ] فإذا تخلف الشرطان، أو أحدهما لم يحكم بالطُّهورية على المذهب، وعلى ما ترجح تكون العبرة بزوال النجاسة، وبقاء الماء على أصله، سواء كان ما بقي يبلغ القلتين، أو لا يبلغهما.

قوله رحمه الله: [وإِنْ شكَّ في نجاسةِ ماءٍ، أو غَيرهِ، أو طَهارتِه بنى عَلى اليقينِ]:

شرع المصنف رحمه الله في بيان مسائل تعم بها البلوى، وهي مسألة الشكوك، وإلتباس حال الماء، وغيره طهارة، ونجاسة.

والشك: هو إستواء الإحتمالين، دون أن يوجد مرجّح لأحدهما على الآخر، والشك في نجاسة الماء مثل: أن يشكَّ في وقوع النجاسة فيه، وهذا أكثر ما يقع على مذهب من يعتبر القلتين، وأما على الراجح أن العبرة بالتَّغير فإنه يمكنه التّمييز؛ لأن النّجِس له لون، ورائحة، وطعم يميّزه عن الطهور، وقد تكون أكثرها، أو كلها فبيّن رحمه الله أن حكم المسألة أنه يجب عليه البقاء على اليقين، وهذه المسألة مبنية على القاعدة الشرعية [اليقينُ لا يُزال بالشَّكِ] وقد دلّت عليها أدلة الكتاب، والسنة، والعمل عليها عند أهل العلم رحمهم الله فإذا كان متيقناً طهارة شيءٍ، وشكّ في نجاسته فإنه يبقى على اليقين، ويُلغِي الشَّكَ، وهكذا لو كان على يقينٍ بنجاسة شيءٍ، وشكّ في كونه صار طاهراً بَقِيَ على النجاسة، وألغي شكَّ الطهارةِ حتى يستيقنه.

وفي مسألتنا: لو شكّ في وقوع قطرة البول في الماء الطهور اليسير على المذهب، فإنه لا يحكم بنجاسته حتى يتيقن وقوعها فيه، فيحكم ببقائه على الطهورية، وهكذا لو كان العكس بأن كان الماء، أو الثوب متنجساً، وشكَّ في زوال نجاسته، وذهابها بالمكاثرة كأن يشك في قدر الماء أنه بلغ القلّتين على المذهب، بنى على اليقين الموجب لكونه متنجساً حتى يستيقن الطهارة.

قوله رحمه الله: [وإن إشتَبه طَهورٌ بنجسٍ حَرُم استعمالُهما] أي إشتبه الماءُ الطهورُ بالماءِ النَّجس فإن الواجب عليه تركهما، ويحرم عليه إستعمالهما مجتمعين، أو منفردين، ولا تصح طهارته، ولا صلاته إذا إستعملهما، أو إستعمل أحدهما على هذا الوجه.

وذلك لأنه لو استعمل أحدهما إحتمل أن يكون النّجس، فيكون متنجساً بإستعماله مستبيحاً للصلاة بدون طهارة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير