وهذا الجبل الذي على الشعب يقع على حدود مزدلفة فإن صلى في الجبل مقابل عرفة فقد صلى قبل جمع، وإن صلى في الجبل من جهة مزدلفة فقد صلى في مزدلفة.
وأما قول الشيخ الحميدي بعد ذلك (وهذا الشعب يظهر أنه شعب من تلك الشعاب المفضية إلى الوادي وادي عرنة المنحدرة من تلك الأجبل الصغيرة المشرفة على الوادي).
فهذا الكلام فيه نظر من عدة أوجه:
فالشعب هو ما تفرق بين الجبلين، والمقصود به هنا ما يسمى شعب المبال لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل فبال فيه، وهو قبل نهاية المأزمين من جهة مزدلفة على ما يسمى الأخشبين، وأما كونه في بطن عرنة فهذا بعيد جدا، وسيأتي مزيد توضيح لذلك بإذن الله تعالى.
ثم قال الشيخ
ويدل على ذلك أمور:
الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل هذا الشعب مباشرة بعد خروجه من عرفة في هذه المنطقة الفاصلة بين المشعر الحلال عرفة والمشعر الحرام مزدلفة وهذه المنطقة هي الوادي وما عليه وإليه من جبال وشعاب وهذا ما تشعر به رواية الحديث كما هي عند البخاري ((أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث أفاض من عرفة مال إلى الشعب فقضى حاجته)).
قال الحافظ في الفتح (وفي رواية أبي الوقت ((حين)) وهي أولى) فهذا يدل على أنه بمجرد ما خرج من عرفة مال إلى الشعب فدل على أنه قريب جدا من عرفة على ما تم تحريره.
وفي رواية محمد بن أبي حرملة لحديث أسامة عند البخاري ((فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال) فإذا جمعنا بين الروايتين رواية أنه حين أفاض مال إلى الشعب) ورواية (أن الشعب دون مزدلفة)) تركب من هذا دليل يدل على أن الشعب قريب من عرفة في الحد الفاصل بينها وبين مزدلفة.
وما ذكره الشيخ هنا بعيد، فهذا الشعب ليس بقريب من عرفة ولاهو واقع في عرنة
جاء في صحيح مسلم
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية - (ج 26 / ص 131)
بل يدخلون عرفات بطريق المأزمين.
وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي
أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة فلما افترقت له الطريقان طريق ضب وطريق المأزمين سلك طريق المأزمين وهي التي أحب أن يسلك الحاج وهي طريق الأئمة منذ كانوا.
قال الإمام أحمد:
ثنا يزيد بن هارون انا عبد الملك عن أنس بن سيرين قال كنت مع ابن عمر بعرفات فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام فصلى معه الأولى والعصر ثم وقف معه وأنا وأصحاب لي حتى أفاض الإمام فأفضنا معه حتى انتهينا إلى المضيق دون المأزمين فأناخ وأنخنا ونحن نحسب أنه يريد أن يصلي فقال غلامه الذي يمسك راحلته انه ليس يريد الصلاة ولكنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته فهو يحب أن يقضي حاجته.
وهو في مسند أحمد: ج2/ص131
فبعد أن يخرج من عرنة يجد طريقا تسمى طريق المأزمين وفيها جبال متعددة على اليمن واليسار حتى يصل إلى شعب يسمى شعب المبال وهو في آخر المأزمين قبل أن يدخل المزدلفة.
وفي حديث جابر ما يدل على مروره على جبال متعددة وعلى أنه كان يحث الناس على السكينة وكان يسير العنق وإذا وجد فجوة نص.
فكيف يتصور أن يكون هذا في مسافة قريبة جدا قد تكون نصف كيلو متر، وأين هي هذا الحبال التي ذكرها جابر رضي الله عنه التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخي للقصواء فيها حتى تصعد، فهذا لايتصور أن يكون كله في بطن وادي عرنه.
ثم قال الشيخ بعد ذلك
الأمر الثالث: جاء في بعض كتب السيرة أن هذا الشعب يقال له شعب الأذاخر وأنه قريب جدا من عرفة على يسار الخارج منها. يفضي إلى بطن عرنة. انتهى.
قال في الحاشية (انظر إمتاع الأسماع (1/ 525).
وبعد الرجوع إلى الموضوع الذي ذكره الشيخ تبين أن المقريزي لم يذكر ما يدل على قرب شعب الأذاخر من عرفة، وقد أرفقت صورة من الصفحة المحال عليها.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=52118&stc=1&d=1197371863
¥