تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اشتراك المموّل والعميل في ضمان الخسارة في حال وقوعها بحسب حصصهم في الملك، كيلا تكون هذه العملية التمويلية حيلة للقرض الربوي، حيث لابد فيها من وجود الإرادة الحقيقية للمشاركة من الطرفين، وأن يتحملا جميع ضروب الخسارة والتلف والنقصان مقابل استحقاقهم للأرباح والعوائد إن تحقق شيء من ذلك خلال فترة المشاركة.

ويرى بعض الباحثين (44) أن المشاركة لا يبطلها وعد ملزم للمؤسسة بأن تبيع نصيبها على الشريك إذا دفع قيمة حصتها في رأس المال، بالإضافة للربح المتفق عليه بينهما، فيبيع الشريك نصيبه لشريكه سواء كانت المشاركة المتناقصة شركة أموال أو شركة ملك بينهما.

واستشهد بما جاء في حاشية رد المحتار (45) فيما إذا اشترى أحد الشريكين جميع الدار المشتركة من شريكه قال: علم من هذا ما يقع كثيرًا، وهو أن أحد الشريكين في دار ونحوها يشتري من شريكه جميع الدار بثمن معلوم، فإنه يصح على الأصح بحصة شريكه من الثمن، وهي حادثة الفتوى فلتحفظ، وأصرح من ذلك في المرابحة في مسألة شراء رب المال من المضارب مع أن الكل ماله. اهـ.

نوقش بما يأتي:

أن تخريجه على الكلام الوارد في حاشية رد المحتار لا يسلم له؛ لأن ما في الحاشية يتناول شراء الشريك حصة شريكه من دار مملوكة لهما، لا من دار سيشتريانها، وفرق بين هذا، وذاك (46).

وعلى ذلك فلا يسلم له هذا القول؛ لما في ذلك من شبهة القرض الربوي، وغيرها من المفاسد المذكورة سابقًاً في مسألة اشتراط عقد في عقد.

ب- المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل أو بسعر السوق:

وأما الصورة الثانية من الحالة الثانية، وهي المشاركة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل، أو بسعر السوق.

فيرى بعض الباحثين (47): أنه تجوز المشاركة المتناقصة مع الوعد الملزم بالبيع بثمن المثل أو بسعر السوق.

ويفهم من كلامهم أنهم يعللون بما يأتي:

1 - أن الوعد الملزم ليس عقداً؛ لأنه لا يترتب عليه الدخول في البيع، أو في الشركة، وإنما يترتب عليه تعويض الضرر إذا كان هناك ضرر (48).

المناقشة:

قد يناقش: بأنه وإن سلم أن الوعد الملزم ليس عقدًا، وإنما هو في درجة أقل منه، إلا أنه يترتب عليه بعض آثار العقد، وهو هنا إما أن يبرم العقد بسعر السوق في المستقبل، وهذا فيه غرر، أو أن يعوض ما وقع على المصرف من تكاليف، وهذا فيه ضرر عليه أيضًا.

2 - أنه لا يترتب على هذا الالتزام محظور شرعي (49).

المناقشة:

قد يناقش: بأنه يسلم أنه لا يترتب عليه كثير من المحاذير الموجودة في اشتراط عقد في عقد، أو في الوعد الملزم بثمن معين، إلا أنه يترتب عليه الالتزام بالشراء في زمن مستقبل، وهذا فيه جهالة.

3 - أنه لا فائدة من صيغة المشاركة المتناقصة إلا بالشرط أو الإلزام، وإلا فإنه قد يتضرر المصرف المموّل (50).

المناقشة:

قد يناقش: بأنه إذا لم تكن الصيغة جائزة شرعاً، فإنه لا يسوغ تجويزها بحجة مصلحة أحد طرفي العقد.

الترجيح:

والذي يبدو لي راجحًا -والله أعلم- عدم جواز هذه الصورة؛ لما فيها من جهالة، خاصة وأنه لا فائدة كبيرة من الوعد الملزم في هذه الحالة إذا كان بسعر السوق، فهو إما أن يشتريها العميل أو أنها تعرض في السوق فتباع، وإن رغب فيها العميل فله حق الشفعة، ولذلك اقترح أن تكون الصيغة بالوعد غير الملزم، أو مع الخيار للعاقدين أو لأحدهما.

ثالثاً: الجمع بين عقدين أو أكثر في عقد من غير شرط.

تقدم أن من صور المشاركة المتناقصة أن يجتمع مع عقد الشركة عقد آخر مثل البيع دون شرط كما في الصورة الأولى والثالثة، أو عقد الإجارة كما في الصورة الرابعة.

وهذه الصور هي من قبيل اجتماع عقدين في عقد دون شرط، وقد تبين فيما سبق جواز اجتماع عقدين في عقد إذا لم يؤد هذا الاجتماع إلى محظور شرعي، ولم يكن بين العقدين تضاد في الأحكام والآثار.

وفي هذه الصور لا يترتب على اجتماع البيع مع الشركة أو الإجارة مع الشركة والبيع محظور شرعي، وليس بينها تضاد في الأحكام والآثار، والله أعلم.

وخلاصة ما تقدم يتبين أنّ التركيب في المشاركة المتناقصة قد يؤدي إلى أثر في الحكم فيؤثر على جواز المشاركة فتكون محرمة مثل اشتراط عقد البيع بسعر محدد في عقد الشركة؛ لما يترتب عليه من شبهة الربا، وجهالة الثمن، وبيع ما لا يملك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير