فحقيقة العمل في هذا النوع إذن انه سنن نقلت عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم ,ومصاحبة العمل لها هو الذي أشهرها و أبرز حجيتها وإن كانت الحجة فيها لا في العمل.
الضرب الثاني: إجماع الصحابة من أهل المدينة من طريق الاجتهاد و الاستدلال
فإن الصحابة الذين توفي عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين كانوا أقرب الناس إليه , وأعرفهم بأحواله , وسيرته وقضاياه, قد توفرت لديهم مدارك لم تتوفر لغيرهم مع ما امتازوا به في نقلهم السنن من مشاهدة قرائن الأحول الدالة على مقاصد الشرع, فكان العمل المنقول عنهم حجة لهذه القرائن التي احتفت به. وهذا النوع من العمل هو الذي يسميه البعض العمل القديم بالمدينة.
وذكر محمد بن رشد لعمل أهل المدينة ثلاث مراتب:
1) العمل النقلي
2) العمل المتصل من جهة القياس والاجتهاد ولا يكون إلا عن توقيف
3) العمل الاجتهادي: ويحتمل أنه أراد به العمل الناشئ بعد عصر الصحابة رضوان الله عليهم.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أربع مراتب و هي:
1) ما يجري مجرى النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2) العمل القديم بالمدينة قبل مقتل عثمان رضي الله عنه.
3) العمل القديم الذي وافق خبر وعارضه آخر , أو وافقه قياس وعارضه قياس ثان.
4) العمل المتأخر بالمدينة. [23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn23)
وقسم ابن القبم عمل أهل المدينة إلى مرتبتين:
المرتبة الأولى: ما كان من طريق النقل والحكاية،وهذه المرتبة تشمل ثلاثة أنواع:
1) نقل شرع مبتدأ كقوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره, وتركه لفعل قام سبب وجوده
2) نقل العمل المتصل زمنا بعد زمن من عهده صلى الله عليه وسلم
3) نقل الأماكن والأعيان والمقادير
المرتبة الثانية: العمل الذي طريقه الاجتهاد و الاستنباط. [24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn24)
بعد نظر الدكتور محمد المدني بوساق في تقسيم العلماء لمراتب عمل أهل المدينة خلص إلى أن معنى عمل أهل المدينة من حيث الوصف يشتمل على العناصر الاتية:
أولا: العمل النقلي, وهو ما كان طريقه التوقيف أو المنقولات المستمرة عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: العمل القديم, أو المتصل وهو عمل الصحابة_رضوان الله عليهم_
ثالثا: العمل الاجتهاي المتأخر, وهو الذي كان في زمن التابعين و ألحق بعضهم عمل تابعي التابعين بعمل من قبلهم.
الفرع الثاني:الإجماع الذي قصده مالك. قال محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي [25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn25):
قال الجيدي: فالإجماع الذي اعتقدوا أن مالكا قال به , لا أساس له ولا يتصور أنه قصد بالعمل الإجماع الذي هو المصدر الثالث من مصادر التشريع والذي يأتي بعد الكتاب والسنة في الحجية والإعتبار. وأساليبه في الموطأ الذي فهم الناس منها أن مالكا قصد الإجماع , وقولهم إنه نقل الإجماع أهل المدينة على نيف وأربعين مسألة , كل ذلك لا أساس له , إذ تعابيره في الموطأ لا تخرج عن قوله: ((هذا الأمر الذي أدركت عليه الناس وأهل العلم ببلدنا)) أو ((الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا)) أو ((ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس)) أو ((الأمر المجتمع عليه عندنا)) أو ((الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا)) وقوله ((السنة عندنا)) وقوله ((وليس على هذا العمل عندنا)) أو ((والسنة التي لا اختلاف فيها عندنا)) أو ((الأمر الذي سمعت من لأهل العلم)) أو ((السنة التي عندنا والتي لا شك فيها)) وقوله ((ليس العمل على هذا))
وقد تتبعتها في الموطأ فوجدتها تكررت مائتين وثلاثا وثلاثين مرة وكلها – وإن اختلفت – لا يمكن أن يفهم منها الإجماع أو أن مالكا قصد بها ذلك.
إنما الذي يفهم هو العمل وحده عمل الناس الذي كان أهل المدينة سائرين عليه في عصره وقبله , وعلى ذلك يكون مالك – في تعابيره – واصفا لعمل بلده , وما اعتاده قومه وتعارفوه وساروا عليه , ونحن عندما نرى الناس الآن في بلد ما اعتاد قومه شيئا وأطبقوا عليه نقول إنهم أجمعوا عليه , ولا نقصد الإجماع الحقيقي المعروف. [26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn26)
والأدلة على ذلك كالآتي:
¥