ب - قال الشّاطبيّ: إنّ التّعبّديّات ما كان منها من العبادات فلا بدّ فيه من نيّة كالطّهارة، والصّلاة، والصّوم، ومن لم يشترط النّيّة في بعضها فإنّه يبني على كون ذلك البعض معقول المعنى، فحكمه كما لو كان من أمور العادات.
أمّا صوم رمضان والنّذر المعيّن، فلم يشترط الحنفيّة لهما تبييت النّيّة ولا التّعيين، ووجه ذلك عندهم: أنّه لو نوى غيرهما في وقتهما انصرف إليهما، بناء على أنّ الكفّ عن المفطرات قد استحقّه الوقت، فلا ينصرف لغيره، ولا يصرفه عنه قصد سواه. ومن هذا ما قال الحنابلة في غسل القائم من نوم اللّيل يده قبل إدخالها الإناء: إنّه تعبّديّ، فتعتبر له النّيّة الخاصّة، ولا يجزئ عن غسلهما نيّة الوضوء أو الغسل، لأنّهما عبادة مفردة.
فالذي يظهر – للباحث - من أقوال أهل العلم أن القياس في العبادات قد يجري ولكن على نطاق ضيق وذلك إذا علمت العلة ويكون في فروع العبادات لا في أصولها وهذا ما رجحة الدكتور عبد الكريم نملة حفظه الله في أكثر من كتاب له
الفصل الثاني: القياس في (الحدود) و (الكفارات) و (الرخص):
علمنا في فصل حجية القياس أن العلماء في حجيته تقريبا على قسمين: مانع ومجيز، والمجيزون اختلفوا في جريانه في الحدود والكفارات والرخص على قولين [46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn46) : 1) قالوا بجواز جريان القياس في الحدود والكفارات والرخص وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
2) عدم جريان القياس فيهن وهو قول الحنفية.
واستدل الجمهور على ذلك بالنص والإجماع والمعقول [47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn47):
* أما النص فتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في قوله اجتهد رأيي مطلقا من غير تفصيل وهو دليل الجواز، ومقتضى ذلك جواز القياس.
* وأما الإجماع فهو إجماع الصحابة في عهد عمر بن الخطاب على حد شارب الخمر فكما قال علي رضي الله عنه (إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفتري) قاسه على حد المفتري ولم ينقل عن أحد من الصحابة في ذلك نكير فكان إجماعا.
* وأما المعقول فهو أنه مغلب على الظن فجاز إثبات الحد والكفارة به لقوله عليه السلام نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر وقياسا على خبر الواحد
واحتج المانعون [48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn48): بأن الحدود مشتملة على تقديرات لا تعقل، كعدد المائة في الزنا، والثمانين في القذف، فإن العقل لا يدرك الحكمة في اعتبار خصوص هذا العدد، والقياس فرع تعقل المعنى في حكمة الأصل، وما كان يعقل منها، كقطع يد السارق، لكونها قد جنت بالسرقة فقطعت، فإن الشبهة في القياس لاحتماله الخطأ توجب المنع من إثباته بالقياس، وهكذا اختلاف تقديرات الكفارات، فإنه لا يعقل، كما لا تعقل أعداد الركعات.
وأجيب عن ذلك: بأن جريان القياس إنما يكون فيما يعقل معناه منها، لا فيما لا يعقل، فإنه لا خلاف في عدم جريان القياس فيه، كما في غير الحدود، والكفارات، ولا مدخل لخصوصيتهما في امتناع القياس.
والذي أرجحه " الباحث " أن القياس يجري في (الحدود) و (الكفارات) و (الرخص) وذلك لقوة أدلة الجمهور وكذا لثبات ذلك حقيقة حتى عند من لا يرى القياس فيها ... والله تعالى أعلم.
فصل: أمثلة على القياس في الحدود:
1 - قياس النباش على السارق في وجوب القطع بجامع أخذ مال الغير من حرز خفية [49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn49).
2- قياس القاتل عمدا على القاتل خطأ في وجوب الكفارة بجامع القتل بغير حق [50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn50).
3- قياس غير الحجر عليه في جواز الاستنجاء به الذي هو رخصة بجامع الجامد الطاهر القالع [51] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn51).
4- قياس اللائط على الزاني بجامع الإيلاج في فرج محرم مشتهى، فيحد اللائط كما يحد الزاني [52] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn52).
فصل: أمثلة على القياس في الكفارات:
¥