تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - الحكم في اللغة: يطلق على القضاء ويجمع على أحكام والأصل فيه المنع من الشيء.

جاء في المصباح المنير: " ومعنى الحكم القضاء، وأصله المنع، يقال: حكمت عليه بكذا: إذا منعته من خلافه فلم يقدر على الخروج من ذلك…والحكمة للدابة سميت بذلك لأنها تذلّلها لراكبها حتى تمنعها الجماح ونحوه، وقد اشتقت كلمة (الحكمة) من الحكم لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل.

وجاء في لسان العرب لابن منظور قوله (… والعرب تقول حكمت وأحكمت وحكمت) بمعنى منعت وردّدت، ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم لأنه يمنع الظالم من الظلم ".

ويأتي الحكم بمعنى الإتقان، يقال: " أحكم الأمر " أي: أتقنه.

ويظهر لنا من هذا المعنى اللغوي لكلمة (حكم) أننا إذا قلنا: حكم الله في المسألة الوجوب معناه: أنه -سبحانه وتعالى – قضى فيها بالوجوب ومنع المكلف من مخالفته.

والشرعي، نسبة إلى الشريعة وأصل الشريعة في كلام العرب: " مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون "

والشريعة في الاصطلاح هي: كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وما كان عليه سلف هذه الأمة، قال شيخ الإسلام – رحمه الله –: (والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وما كان عليه سلف الأمة في العقائد، والأحوال، والعبادات، والأعمال، والسياسات، والأحكام، والولايات، والعطيات).

ولتعريف الحكم اصطلاحا يقيد بالشرعي تفريقا له عن العقلي والعادي وغيرهما.

2– تعريف الحكم الشرعي في اصطلاح الأصوليين:

لقد اختلفت عبارات الأصوليين في تعريف الحكم الشرعي على أقوال متعددة لا تخلو من مطاعن إلا أن أسلم تلك التعريفات وأقربها إلى الصحة هو: " خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالإقتضاء أو التخيير أو الوضع ".

شرح التعريف مع بيان المحترزات:

قوله في التعريف (خطاب الله تعالى): الخطاب في اللغة مصدر خاطب يخاطب خطابا ومخاطبة: وهو توجيه الكلام نحو الغير للإفهام.

والمراد به هنا: المخاطب به فهو من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول به مجازا وأصبح عند الأصوليين حقيقة عرفية في نفس الكلام الموجه لا الفعل.

والخطاب: جنس في التعريف يشمل كل خطاب وبإضافته إلى الله تعالى يخرج خطاب غيره من جن أو انس أو ملائكة فإنها وإن كانت خطابات إلا أنها ليست أحكاما شرعية.

قوله (المتعلق بأفعال المكلفين):

التعليق معناه الارتباط والمتعلق أي المرتبط ومعنى تعلقه بأفعال المكلفين أي بجنس أفعال المكلفين فيصدق تعلقه على الفعل الواحد من أفعالهم لا بجميع أفعالهم وإلا لم يوجد حكم أصلا إذ لا خطاب يتعلق بجميع الأفعال ولا يصدق على أي حكم أنه متعلق بكل أفعال المكلفين وإنما المراد تعلقه بفعل فيها، وحينئذ يدخل في الحد ما تعلق بفعل مكلف واحد كخواصه – صلى الله عليه وسلم – وكشهادة خزيمة وعناق أبي بريدة ونحوها.

وقد احترز (بالمتعلق بأفعال المكلفين) عن المتعلق بذات الله الكريمة كقوله تعالى L شهد الله أنه لا إله إلا هو) وعن المتعلق بالجمادات كقوله تعالى: (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة) فإنه خطاب من الله ومع ذلك ليس بحكم لعدم تعلقه بأفعال المكلفين.

(أفعال):

لغة: جمع فعل، وهو الحدث، أي ما يقابل القول، والاعتقاد، والنية. والمراد به هنا: كل ما يصدر عن المكلف من قول أو فعل أو اعتقاد لأن الحكم كما يتعلق بالأفعال مثل الصلاة والزكاة ونحوهما، فإنه كذلك يتعلق بالأقوال كتحريم الغيبة والنميمة، ويتعلق أيضا بالاعتقاد كوجوب الوحدانية لله تعالى، وقيد التعريف بالأفعال لتخرج الأحكام العقائدية

والمراد (بالمكلفين) البالغون العقلاء، فيتعلق بهم الخطاب تعلقا معنويا قبل وجودهم، وتنجيزيا بعد وجودهم على الصفة التي يصح معها تكليفهم بشرائع الإسلام.

هذا وقد أورد بعضهم اعتراضا على قوله (بأفعال المكلفين) لخروج الأحكام المتعلقة بأفعال الصبيان وذكر أن الأولى أن يقال (بأفعال العباد).

وأجيب عن ذلك بأن الأحكام التي يتوهم تعلقها بفعل الصبي إنما هي في الحقيقة متعلقة بفعل الولي، فيجب على الولي أداء الحقوق من ماله، ويستحب له أن يأمره بفعل الصلاة ليتعود عليها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير