قوله في التعريف (هو ما يلزم من عدمه عدم الحكم): أي يلزم من عدم الشرط عدم المشروط، كالوضوء الذي هو شرط لصحة الصلاة فإذا انعدم هذا الشرط انعدمت الصلاة المتوقفة عليه بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) فالوضوء شرط لصحة الصلاةفإذا لم يتوضأ لم تصح صلاته وبهذا القيد احترز عن المانع.
وقوله: (ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط ولا عدم وجوده): فقد يتوضأ الإنسان ولا يصلي ولا يلزم من وجوده عدمها، وهذا قيد الإحتراز عن السبب.
قوله (لذاته): أي بقطع النظر عما يقترن به من وجود سبب أو مانع.
قوله (ويكون خارجا عن حقيقة المشروط): أي لا يكون جزء من حقيقة المشروط، كالوضوء مثلا ليس جزء من حقيقة الصلاة وإنما هو شيء خارج، وعبادة مستقلة.
ويلاحظ على هذه التعريفات أنها تكاد تتفق على حقيقة الشرط، حيث يستفاد من مجموعها أن الشرط يتوقف عليه وجود المشروط وينعدم المشروط عند عدمه، كما يستفاد أنه لا يلزم من وجوده وجود المشروط، وأما عبارة ابن الحاجب فقد أفادت أن الشرط يلزم من عدمه العدم ثم أخرجت ما قد يكون كذلك، وهو غير شرط كالعلة والسبب بالقيد المذكور في تمام التعريف وهو قوله (على غير جهة السببية)
المطلب الثاني: في الفرق بين الشرط والسبب:
ومما تقدم يتبين أن الشرط والسبب يتفقان في حالة العدم، فإن عدم كل منهما يستلزم عدم الشيء الذي جعل سببا أو شرطا له، ويختلفان في حالة الوجود، فالشرط إذا وجد فإنه لا يلزم منه وجود الحكم كالوضوء لا يلزم من وجوده وجوب إقامة الصلاة، ولا يلزم من وجود الشاهدين وجود النكاح.
أما السبب فيلزم من وجوده وجود الحكم إلا إذا كان المانع، فإذا كان وقت الصلاة فقد وجبت الصلاة وإذا كان الإسكار وجد التحريم، وإذا كانت السرقة فقد وجب الحد.
المطلب الثالث: في الفرق بين الشرط والركن:
قبل ذكر الفرق بين الشرط والركن لا بد لنا من تعريف الركن تعريفا مختصرا فنقول:
الركن هو: ما يتوقف الشيء على وجوده وكان جزء من حقيقته أو ماهيته. وقيل ركن الشيء ما يتم به وهو داخل فيه بخلاف شرطه وهو خارج عنه.
ومما تقدم من تعريف الشرط والركن يتبين أنهما يتفقان في أن عدم كل منهما يترتب عليه عدم الشيء الذي جعل ركنا أو شرطا له، ويختلفان في أن الركن جزء من ماهية الشيء وحقيقته، أما الشرط فهو خارج عن حقيقة الشيء وليس جزء منها.
فعدم الطهارة التي هي شرط في الصلاة يستلزم عدم صحة الصلاة، وعدم القراءة التي هي ركن في الصلاة يستلزم عدم صحة الصلاة.
والقراءة هي جزء من ماهية الصلاة وحقيقتها، وأما الوضوء وهو شرط في الصلاة فهو خارج عنها.
ومن هنا: فإذا اختل ركن أدى إلى خلل في الماهية، وإذا اختل شرط أدى إلى الفساد عند الحنفية لكونه خللا في الوصف، أي في أمر خارج عنه، وعند الجمهور: يعتبر الخلل في الوصف، كالخلل في الأصل.
المطلب الرابع: في أقسام الشرط:
وينقسم الشرط إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة:
أولا: باعتبار مصدره: وينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الشرط الشرعي وهو: ما كان توقف المشروط على وجود الشرط بحكم الشارع وجعله، ويشمل هذا النوع جميع الأمور التي اشترطها الشارع في العبادات والعقود والتصرفات، كالوضوء الذي جعله شرطا لصحة الصلاة، وحولان الحول الذي اشترطه في الزكاة ونحوها.
القسم الثاني: الشرط الجعلي: وهو الذي يكون اشتراطه بتصرف المكلف وإرادته.
وهذا النوع ينقسم إلى قسمين:
1 - الشرط المعلق: وهو الأمر الذي يجعل الإنسان تصرفه والتزامه معلقا بحيث إذا لم يتحقق ذلك الأمر لا يتحقق ذلك التصرف والالتزام. مثاله: الشروط التي يشترطها الزوج مثلا ليقع الطلاق على زوجته أو شروط الواقف أو الواهب أو الموصي. فإن تعليق الطلاق أو الوقف شرط مقتضاه: أن يتوقف وجود الطلاق أو الوقف على وجود الشرط ويلزم من عدمه عدمه.
2 - الشرط المقيد أو المقترن: وهو: الالتزام في العقد بأمر من الأمور إلتزاما زائدا على صيغة العقد ومثاله: أن يبيع شخصا لآخر دارا على أن يسكنها سنة. ولا يجوز عند الفقهاء تعليق جميع العقود والتصرفات بالشرط.
ثانيا: أقسام الشرط بالنظر إلى ما يتعلق به:
وهو بهذا الإعتبار ينقسم أيضا إلى قسمين:
¥