تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: الشرط المكمل للسبب: وهو ما يكون مقويا لمعنى السببية مثل اشتراط حولان الحول على ملك النصاب في وجوب الزكاة، فالسبب في وجوب الزكاة هو النصاب، إذ النصاب دليل الغنى ولا يتحقق الغنى بالنصاب على الوجه الأكمل إلا إذا مضى حول على وجود هذا النصاب كاملا في يد صاحبه.

الثاني: الشرط المكمل للمسبب: وهو الذي يقوي حقيقة المسبب وركنه وذلك مثل: ستر العورة في الصلاة، فهو يكمل حقيقتها ويجعل آثارها تترتب عليها من براءة الذمة.

والشرط: من حيث هو شرط: لا يجب على المكلف فعله لأنه حكم وضعي، وقد يعرض له ما يجعله واجبا، وذلك إذا كان الواجب لا يتم إلا بالشرط وهو مقدور للمكلف ففي هذه الحالة يجب فعل الشرط لأنه يكون حكما تكليفيا وليس حكما وضعيا.

المبحث الثالث: في المانع

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: في تعريفه لغة واصطلاحا:

المانع في اللغة: الحائل بين الشيئين. وهو أن تحول بين الرجل وبين الشيء الذي يريده فيقال: " منعه الأمر ومنعته منه فهو ممنوع " أي: محروم والفاعل مانع، وجمعه منع للتحريك، والمنع خلاف الإعطاء ورجل منوع بصيغة مبالغة أي ظنين ممسك قال تعالى: (إذا مسه الخير منوعا)

وأما في الإصطلاح: فقد عرفه ابن السبكي بقوله: " هو الوصف الوجودي الظاهر المنضبط المعرّف لنقيض الحكم ".

وعرفه القرافي بقوله: " ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته ".

وفيما يلي شرح للتعريفين:

التعريف الأول:

قوله في التعريف (الوصف) أي: هو المعنى القائم بالذات.

وقوله (الوجودي) احتراز عن عدم الشرط، فإنه ليس وصفا وجوديا، بل هو عدمي، ومن اطلق عليه لفظ المانع فعلى جهة التسامح.

قوله (الظاهر) قيد في التعريف وهو مخرج للخفي، فإن الشارع لم يعلق أحكامه من حيث اثباتها بواسطة الأسباب والعلل وانتفاؤها بواسطة الموانع بأوصاف خفية كي لا تضطرب الأحكام، فلا بد في المانع أن يكون ظاهرا.

وقوله (المنضبط): خرج به المضطرب، فإن الشارع لا يعلق أحكامه بالأوصاف المضطربة لأنها لا تنضبط لاختلافها باختلاف الأحوال والأشخاص والأزمان.

وقوله (المعرف لنقيض الحكم): أي الذي يكون علامة على رفع الحكم. ومثال ذلك: القتل في باب الإرث، فإنه مانع من وجود الإرث المسبب عن القرابة أو غيرها، وذلك لحكمة، وهي عدم استعجال الوارث موت مورثه بقتله.

شرح التعريف الثاني:

قوله (ما يلزم من وجوده العدم): احتراز من السبب فإنه يلزم من وجوده الوجود.

قوله (ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم): احتراز من الشرط فإنه يلزم من عدمه العدم.

قوله (لذاته): احتراز من مقارنة عدمه وجود السبب، فإنه يلزم الوجود لكن ليس ذلك لعدم المانع لذاته، بل لوجود السبب، أو مقارنة عدم المانع عدم الشرط، فإنه يلزم العدم، لكن ليس ذلك العدم ذاته بل لعدم الشرط.

المطلب الثاني: في الفرق بين الشرط والمانع:

ومما تقدم من تعريفنا للشرط والمانع يتضح لنا بعض الفروق بينهما نذكر بعضا منها:

الأمر الأول: أن المانع يقتضي وجوده معنى ينافي الحكم أو سببه. أما الشرط فيقتضي في وجوده معنى يقتضي الحكم من حيث الوجود دون الوجوب، ويقتضي السبب من حيث التأثير، لا من حيث الوجود.

الأمر الثاني: أن المانع يقتضي وجوده عدم الحكم لذاته. أما الشرط فلا يقتضي وجوده وجود الحكم ولا عدمه لذاته.

الأمر الثالث: أن المانع لا يقتضي عدمه وجود الحكم أو عدمه لذاته أما الشرط فيقتضي عدمه عدم الحكم لذاته.

الأمر الرابع: أن المانع، أقوى من الشرط، ويتبين أثر قوته على الشرط فيما لو وجد كل من المانع والشرط، فإن المانع يمنع وجود الحكم، ويبطل عمل الشرط.

ولهذا قيل: أن الشرط لا يأخذ مجراه، إلا إذا انتفى المانع.

المطلب الثالث: في أقسام المانع:

من التعريفين السابقين للمانع يتبين لنا أن المانع قسمان: مانع للحكم ومانع للسبب.

القسم الأول: مانع للحكم: هو الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده عدم الحكم وبهذا المعنى جاء تعريف الأصوليين له ومن أمثلته ما يأتي:

1 - قتل الوارث لمورثه عدوانا، فإنه مانع من الميراث، وإن تحقق سببه، وهو القرابة أو الزوجية وتوافرت شروطه، وهي تحقق موت المورث قبل موت الوارث، واتحاد الدين.

2 - أبوة القاتل للقتيل، فإنها مانعة من ثبوت القصاص عند الجمهور من الفقهاء – وإن تحقق سببه – وهو القتل العمد العدوان، وتوافرت شروطه.

3 - وجود الحيض والنفاس، فإنه مانع من وجوب الصلاة، وإن تحقق سببه، وهو الوقت.

القسم الثاني: مانع للسبب:

وهو الوصف الظاهر المنضبط الذي يلزم من وجوده عدم السببوبهذا المعنى جاء تعريف الآمدي وابن النجار الفتوحي له.

ومن أمثلته ما يأتي:

1 - وجود الدين على من ملك نصابا من الأموال التي تجب فيها الزكاة، فإن ملك النصاب سبب لوجوب الزكاة، لأن ملك النصاب مظنة الغنى، والغني مطالب بعون الفقير، ووجود الدين على من ملك نصابا مانع من تحقق هذا السبب، لأن ما يقابل الدين من المال ليس مملوكا للمدين على الحقيقة، نظرا لتعلق حقوق الدائنين به.

2 - حرية المعقود عليه في البيع، فإنها تمنع من تحقق سبب الملك، وهو البيع، ومن ثم يكون بيع الحر باطلا لوجود المانع من انعقاده، وهو حرية المعقود عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير