تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[صالح الخلف]ــــــــ[15 - 06 - 08, 11:34 ص]ـ

الفصل الثالث: في الصحة والفساد والبطلان:

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: في تعريف الصحة والفساد لغة واصطلاحا:

I) الصحة في اللغة: خلاف السقم وهو المرض. يقال: رجل صحيح خلافه مريض وجمعه أصحاء، والصحة في البدن: هي حالة طبيعية تجري أفعاله معها على المجرى الطبيعي، ويقال: صح القول إذا طابق الواقع، والصحيح الحق وهو خلاف الباطل.

وأما الفساد فهو في اللغة نقيض الصلاح يقال: تفاسد القوم إذا تدابروا وقطعوا الأرحام، والمفسدة خلاف المصلحة.

II) أما تعريف الصحة في الإصطلاح: فقد اختلفت عبارات الأصوليين في تعريفها، إلا أن أسلم هذه التعريفات هو تعريف ابن السبكي، والذي يقول فيه: " وقوع الفعل ذو الوجهين موافقا أمر الشرع " وأصل هذا التعريف هو تعريف المتكلمين لصحة العبادة إلا أن ابن السبكي حرره وزاده دقة في الجمع والمنع حتى أصبح تعريفا مستقلا شاملا لصحة العبادة وصحة العقد وغيرهما من التصرفات الشرعية.

شرح التعريف:

قال المحلي في شرح هذا التعريف:: والصحة – من حيث هي الشاملة لصحة العبادة، وصحة العقد -: موافقة الفعل ذي الوجهين موافقا لأمر الشارع "

والوجهان: موافقة الشرع، ومخالفته. أي الفعل الذي يقع تارة موافقا للشرع، لاستجماعه ما يعتبر به شرعا، وتارة مخالفا له، لانتفاء ذلك، عبادة كانت كالصلاة، أو عقدا، كالبيع: الصحة موافقته الشرع. بخلاف ما لا يقع إلا موافقا للشرع، كمعرفة الله تعالى، إذ لو وقعت مخالفة له أيضا كان الواقع جهلا، لا معرفة.

وذهب الحنفية: إلى أن الصحة في العبادات: اندفاع وجوب القضاء. ففي تعريف الحنفية زيادة قيد إذ هي عندهم: موافقة أمر الشارع على وجه يندفع به القضاء.

وفي المعاملات ترتب أثرها وهو ما شرعت من أجله، كحل الانتفاع في عقد البيع، والاستمتاع في عقد النكاح.

وتظهر ثمرة الخلاف بين التعريفين: فيمن صلى ظانا أنه متطهر، ثم تبين أنه محدث، فتكون صلاته صحيحة عند الجمهور، لأنه وافق الأمر المتوجه عليه في الحال، وأما القضاء فوجوبه بأمر متجدد، فلا يشتق منه اسم الصحة وتكون الصلاة غير صحيحة عند الحنفية لعدم اندفاع القضاء.

وأما الفساد فهو عكس الصحة وهو مرادف للبطلان عند جمهور الأصوليين خلافا للحنفية كما سيأتي وعليه فالفساد عند الجمهور هو نقيض الصحة بكل اعتبار من اعتباراتها السابقة، فإذا كانت الصحة هي موافقة الأمر فالفساد مخالفته وهكذا على التقابل، وبهذا يكون قد تبين لنا معنى الصحة والفساد لغة واصطلاحا، غير أن بعض الأصوليين قد نازع في كون الصحة والفساد من أحكام الشرع وذكر أنهما عقليان لا شرعيان وسوف يكون المبحث الآتي في ذكر الأقوال في ذلك وإثبات أن الصحة والفساد من أحكام الشرع الوضعية.

المبحث الثاني: في إثبات أن الصحة والفساد من أقسام الحكم الشرعي الوضعي:

قدمنا في أول الكلام على الحكم الشرعي الوضعي خلاف العلماء في أقسامه، وها نحن – الآن - نشرع في بيان هذه المسألة فنقول:

أولا: تحرير محل النزاع:

لا خلاف بين العلماء على أن الصحة والفساد في المعاملات هي من أحكام الوضع، وإنما الخلاف في كون الصحة والفساد من أحكام العقل أو من أحكام الشرع إنما هو في المتعلق بالعبادات، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: وهو أن الصحة والفساد من أحكام العقل لا من أحكام الشرع وهذا القول ذهب إليه بعض الأصوليين وعلى رأسهم ابن الحاجب وشارحه العضد وآخرون.

القول الثاني: وهو أن الصحة والفساد حكمان شرعيان لا عقليان وهذا القول ذهب إليه الآمدي والشاطبي وغيرهم من علماء الأصول.

ثانيا: أدلة هذه الأقوال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير