تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعضهم يرى: أنها لا تحل، ولكن يرخص في الفعل إبقاء على حياة الشخص – كما هو الشأن في الإكراه على الكفر – وهو رواية عن أبي يوسف وأحد قولي الشافعي.

وذهب جمهور الحنفية: إلى أن الحرمة ترتفع في تلك الحالة وكل من الفريقين استند إلى أدلة مبسوطة في كتب الأصول.

وهذا الخلاف تظهر له فائدتان:

الأولى: إذا صبر المضطر حتى مات لا يكون آثما على القول الأول، ويكون آثما على الثاني.

الثانية: إذا حلف المكلف بأن لا يأكل حراما أبدا، فتناول منه في حال الضرورة يحنث على الأول، ولا يحنث على الثاني.

2 - رخص مندوبة:

كقصر الصلاة للمسافر إذا قطع مسافة ثلاثة أيام فصاعدا بوسائل النقل القديمة، وإنما كان القصر مندوبا لقول عمر – رضي الله عنه -: " صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " ولا يتغير الحكم في وسائل المواصلات الحديثة والله أعلم.

ومن هذا القبيل أيضا الفطر في رمضان بالنسبة للمسافر الذي يشق عليه الصوم، والإبراد بالظهر، والنظر إلى المخطوبة، ومخالطة اليتامى في أموالهم وسائر أحوالهم مما تدعو إليه الحاجة اعتمادا على قوله تعالى: (وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح) حيث نص علماء التفسير على أن الآية تتضمن ترخيصا في خلط طعام اليتيم بطعام كافله، وشرابه بشرابه، وماشيته بماشيته دفعا للحرج، كما أكدوا بأنها أفادت حثا على هذه المخالطة وتعريضا بما كانوا عليه من احتقار اليتيم والترفع عنه.

2 - رخص مباحة:

ويمثل لها بالرخص التي جاءت على خلاف القياس،كعقد السّلم (السلف) والعرايا والإجارة والمساقاة ونحوها مما أبيح لحاجة الناس إليه فإنها رخصة بلا نزاع، لأن السلم والإجارة عقدان على معدوم مجهول والعرايا … جوزت للحاجة إليها، وإنما كانت هذه الأنواع رخصة؛ لأن طريق كل منها غير متعين لدفع الحاجة إذ يمكن الإستغناء عنه بطريق آخر، فالسلم مثلا يمكن الإستغناء عنه بالقرض مثلا.

4 - رخص جاءت على خلافا الأولى:

كفطر المسافر الذي لا يتضرر بالصوم، وإنما كانت هذه الرخصة خلاف الأولى أخذا من قوله تعالى: (وأن تصوموا خير لكم) فالصوم مأمور به في السفر أمرا غير جازم وهو يتضمن النهي عن تركه وما نهى عن تهيا غير صريح فهو خلاف الأولى.

والخلاصة: إن مدار تقسيم الشافعية والحنابلة للرخصة هو العذر كما لاحظنا في تعريفهم للرخصة.

المنهج الثاني: ذهب الحنفية في تقسيم الرخص باعتبار الحقيقة والمجاز إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأول: الرخصة الحقيقية (وتسمى عندهم رخص الترفيه).

القسم الثاني: الرخصة المجازية (وتسمى عندهم رخص إسقاط)

أما القسم الأول: وهو الرخصة الحقيقية: وهي التي يكون حكم العزيمة معها باقيا ودليله قائما، ولكن رخص في تركه تخفيفا عن المكلف كالتلفظ بالكفر عند الإكراه وغير ذلك، وهذا القسم ينقسم إلى قسمين:

الأول:

ما أباحه الشرع مع قيام السبب المحرم، والحرمة معا، وهو أعلى درجات الرخص، لأن الحرمة لما كانت قائمة مع سببها، ومع ذلك شرع للمكلف الإقدام على الفعل دون مؤاخذة بناء على عذره، كان ذلك الإقدام في أكمل درجاته فهو في هذه الحالة بمنزلة العفو عن الجناية بعد استحقاق العقوبة. وليس في الأمر أي غرابة، لأن كمال الرخص بكمال العزائم، فكلما كانت هذه حقيقة كاملة ثابتة من كل وجه، كانت الرخصة في مقابلتها كذلك.

وقد ذكروا – لهذا القسم – أمثلة منها:

الترخيص في إجراء كلمة الكفر على اللسان مع اطمئنان القلب بالإيمان عند الإكراه الملجئ بالقتل أو بالقطع، لأن في امتناعه عن الفعل إتلاف نفسه صورة ومعنى، وفي إقدامه عليه إتلاف حق الشرع صورة دون معنى حيث إن الركن الأصلي في الإيمان – وهو التصديق في القلب – باق على حاله. ومع ذلك نص العلماء على تخييره بين الفعل والترك، بل رجح الحنفية منهم الأخذ بالعزيمة في هذا المثال بالخصوص، لأن إحياء النفوس – هنا – يقابله موقف عظيم من مواقف السمو والإباء والتمسك بالحق مهما اشتدت الفتنة وعظم البلاء ولو قتل كان مؤجورا، واستدلوا على هذا الترجيح بما ورد في السنة من أن مسيلمة الكذاب أكره رجلين - من المسلمين – على الكفر فنطق أحدهما بكلمته فنجا، وأصر الآخر على الجهر بالحق فهلك، فقال فيهما النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد أن بلغه خبرهما:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير