تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد جعل الله – عز وجل – للفرائض مواقيت معلومة وساعات محدودة وألزم عباده بأداء تلك الفرائض في أوقاتها تعظيما لشأنها وتحقيقا لكمال العبودية له بالتزام الخلق بتلك الأوقات ومحافظتهم عليها وعدم تأخير العبادة وإيقاعها في غير أوقاتها المحددة لها. كما قال تعالى في شأن الصلاة مؤكدا هذا المعنى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا).

وعليه فالمسلمون مطالبون بالتزام الحكم وامتثال الأمر كما أنهم ملزمون أيضا بمجانبة المنهي عنه من تأخير العبادة عن وقتها لغير عذر من الأعذار التي أجازها الشارع وهذا المعنى يوضح العبادة التي يمكن وصفها بالأداء والقضاء والإعادة. إذ العبادة من حيث هي إما أن يكون لها وقت محدود من قبل الشارع بحيث يكون له بداية ونهاية أو لا يكون ذلك.

فإن لم يكن للعبادة وقت محدد من قبل الشارع فإما أن يكون لها سبب، مثل: تحية المسجد وسجدة التلاوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث إن سبب التحية دخول المسجد، وسبب سجدة التلاوة قراءة آية فيها سجدة، والأمر بالمعروف سببه الأمر الوارد في قوله تعالى: (وامر أهلك بالصلاة) وغير ذلك من أوامر الكتاب والسنة.

وإما ألا يكون لها سبب، كالأذكار التي ينشئها المكلف، فالعبادة التي لا تتقيد بزمن له بداية ونهاية لا توصف بأداء ولا بقضاء، وأما العبادة التي تحدد بوقت محدد فإما أن تقع في وقتها المقدر لها أو قبله أو بعده فإن وقعت قبل وقتها حيث جوزه الشارع، فهو تعجيل. وإن وقعت في وقتها دون أن تسبق بأداء مختل فأداء، وإن سبقت بأداء مختل فإعادة إن فعلت في ذات الوقت، وإن فعلت خارج الوقت فهو القضاء، ولكل من هذه الأقسام تعريف.

أما تعريف التعجيل: فهو إيقاع العبادة قبل وقتها المقدر لها شرعا حيث أجاز الشارع تقديمها على وقتها المقدر لها. وذلك كإخراج الزكاة قبل الحول، وإخراج زكاة الفطر في أول شهر رمضان ونحو ذلك، فهذا الإخراج للزكاة يسمى تعجيلا لأن وقت إخراج الزكاة لا يكون إلا بعد مرور الحول، وفي رمضان يكون في آخر ليلة منه وهكذا، وأما الأداء والقضاء والإعادة فنفصل القول في كل واحد منهما في المباحث التالية:

المبحث الأول: في الأداء …

المطلب الأول: تعريف الأداء لغة واصطلاحا:

تعريف الأداء في اللغة:

أ) أما الأداء في اللغة فهو الإيصال يقال: أدى الشيء: أوصله، وأدى الأمانة إلى أهلها تأدية: إذا أوصله. والاسم الأداء، كذلك الأداء والقضاء يطلقان في اللغة على الإتيان بالمؤقتات كأداء صلاة الفريضة وقضائها، وبغير المؤقتات كأداء الزكاة والأمانة وقضاء الحقوق والحج للإتيان به ثانيا بعد فساد الأول ونحو ذلك.

وقد يطلق كل من الأداء والقضاء على الآخر مجازا شرعيا كقوله تعالى: (فإذا قضيتم مناسككم) أي: أديتم … وكقولك: نويت أداء ظهر الأمس، أي: القضاء.

ب) وأما في الإصطلاح: فللأداء عدة تعريفات ذكرها جمهور الأصوليين في كتبهم إليك طائفة منها:

1 - عرفه ابن الحاجب بقوله: " ما فعل في وقته المقدر له شرعا أولا "

2 - وعرفه محب الله بن عبد الشكور بقوله: " فعل الواجب في وقته المقدر له شرعا " وذكر له تعريفا آخر وهو: " الأداء فعل ابتدائه في وقته المقدر شرعا "، وقد أيد الكمال بن الهمام هذا، واعتبر عدم النص على ابتداء الفعل تساهلا.

3 - عرفه البيضاوي بقوله: " العبادة إن وقعت في وقتها المعين، ولم تسبق بأداء مختل فأداء."

والمختار من هذه التعريفات هو تعريف ابن الحاجب وهو الذي اختاره الفتوحي في شرح الكوكب المنير وابن اللحام في مختصره.

شرح التعريف:

قوله في التعريف (ما فعل) جنس في التعريف يشمل الأداء والقضاء والإعادة.

وقوله (في وقته المقدر له) قيد في التعريف، وهو مخرج القضاء فانه يفعل بعد الوقت ويخرج به أيضا ما لم يقدر له وقت كالنوافل المطلقة وكالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكالجهاد عند حضور العدو، فلا يوصف ذلك بأداء ولا قضاء في الاصطلاح.

قوله (شرعا) يخرج به ما فعل في وقته المقدر له عقلا، كقضاء الدين عند المطالبة به فإنه فعل في وقته المقدر له وهو ما يتسع له، ولكن ذلك التقدير ليس بالشرع بل بالعقل وكالزكاة إذا قدر لها الإمام شهرا معينا من شهور السنة كرمضان مثلا، فهو توقيت عرفي لا شرعي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير