تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستدلوا بذلك بأنه يجب عليه نية قضاء الفائت بالإجماع ولو كان فرضا مبتدأ لما وجبت النية. ولقول عائشة – رضي الله عنها -: " كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " وقالوا إنه ليس من شرط القضاء وجوب الأداء في حق المستدرك بل يكفي فيه تقدم سبب الأمر به فيكون الفعل في الزمن الثاني قضاء بهذا المعنى لعموم دليل الوجوب ولفواته عن الوقت في حقه وهو ظاهر كما ترى لا غبار عليه.

2 - أن البعض قد نص على ضرورة تحقق سبب الوجوب في وقت الأداء حتى يكون الفعل بعد الوقت قضاء وذلك كما فعل ابن الحاجب والبعض الآخر لم ينص على ذلك كما فعل ابن عبد الشكور، وأظن أن عدم النص مبني على أن المتروك إنما هو واجب فلا بد من تحقق سبب وجوبه في وقته المحدد.

المطلب الثاني: في أقسام القضاء:

أ) أقسامه عند جمهور الأصوليين:

للقضاء عند جمهور الأصوليين عدة تقسيمات من حيث وجوب أدائه وعدمه، ومن حيث إمكان فعله وعدم إمكانه وهي كما يلي:

الأول: قضاء كان الأداء فيه واجبا كقضاء الصلاة التي تركت في وقتها بلا عذر مثلا.

الثاني: قضاء لم يكن الأداء فيه واجبا، وكان الأداء ممكنا شرعا وعقلا، كقضاء ما تركه المسافر والمريض من الصوم في السفر فإن كلا منهما لا يجب عليه أداء الصوم لقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) إلا أنه لا حرج على أحدهما أن يصوم في سفره ومرضه ولا مانع من ذلك شرعا ولا عقلا.

الثالث: قضاء لم يكن أداؤه واجبا وغير ممكن عقلا، كقضاء النائم والمغمى عليه في رمضان من أول الوقت إلى آخره، فإن الصلاة على النائم والمغمى عليه غير واجبة أثناء نومه لقوله – صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاث ومنها النائم حتى يستيقظ … " ولأن القصد إلى العبادة مستحيل عقلا مع الغفلة عنها لأنها جمع بين النقيضين.

الرابع: قضاء لم يكن أداؤه واجبا وغير ممكن شرعا كقضاء المرأة لما فاتها من الصوم أثناء حيضها أو نفاسها فإن الصوم غير واجب على الحائض والنفساء لوجود المانع من الوجوب وهو الحيض والنفاس، والمانع من صحة صومهما هو الشرع لا العقل ويسميه البعض كالغزالي أداء.

ب) أقسامه عند الحنفية:

ويقسم الحنفية القضاء إلى قسمين:

1 – في حقوق الله تعالى.

2 _ في حقوق العباد.

أولا: أقسامه في حقوق الله تعالى:

1 - قضاء محض: وهو ما لا يكون فيه معنى الأداء أصلا لا حقيقة ولا حكما وهو قسمان:

I) قضاء بمثل معقول: كقضاء الصوم الفائت بصوم مثله.

ب) قضاء بمثل غير معقول: كقضاء الصوم بالفدية في العبادات عند العجز المستديم في حق الشيخ الفاني.

2 - قضاء شبيه بالأداء: كقضاء تكبيرات العيد في الركوع إذا أدرك الإمام وهو راكع، وخاف أن يرفع الإمام رأسه لو اشتغل بها.

ثانيا: أقسامه في حقوق العباد:

1 - قضاء بمثل معقول وينقسم إلى قسمين:

الأول: قضاء كامل: كضمان المغصوب بالمثل عند عدم القدرة على رد العين المغصوبة.

الثاني: قضاء قاصر: كضمان المغصوب بالقيمة إذا لم يجد مثله.

2 - قضاء بمثل غير معقول: كضمان النفس أو الأطراف بالمال في جناية الخطأ إذ لا مماثلة بين النفس والأطراف وبين المال.

3 - قضاء يشبه الأداء: كمن سمى لامرأة عبدا غير معين في صداقها فحينئذ إن اشترى وسطا وسلمه إليها فلا خفاء أنه أداء وإن أدى إليها قيمة عبد وسط فهذا قضاء لكنه في معنى الأداء.

المطلب الثالث: في الدليل الموجب للقضاء:

بعد أن ذكرنا تعريف القضاء ومدلوله الشرعي عند علماء الأصول من كونه فعل الواجب بعد خروج وقته المقدر له من جهة الشرع فإن هذا المطلب سيكون لمعرفة الدليل الموجب للقضاء وهل هو أمر جديد أم هو الأمر الأول الموجب للأداء؟

1 - تحرير محل النزاع: اتفق العلماء على أن العبادة المؤقتة بوقت معين إذا فات وقتها يجب قضاؤها إلا أنهم اختلفوا في الموجب لها أهو الخطاب الذي وجب به الأداء أم خطاب جديد؟

2 - الأقوال في المسألة: الجمهور من الأصوليين ومنهم العراقيون من الحنفية يرون أن إيجاب القضاء يرجع إلى دليل غير الدليل الذي أوجب الأداء. بينما جمهور الحنفية يرون أن الدليل الموجب للقضاء هو نفس الدليل الذي أوجبه الأداء وبه قال الحنابلة وعامة أهل الحديث وبعض الشافعية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير