تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العباسيين لهم ومحاكمتهم معنى ذلك أن المجمتمع الإسلامي كان يغلبه الزندقة والشعوبية وأنه كان مجتمعاً ملحداً منحرفاً يغلب عليه العبث والمجون والإنحلال الإخلاقي .. بالطبع هذا تصور بعيد عن الواقع والحقائق التاريخية، فالمجتمع الإسلامي في القرن الثاني الهجري كان قريب من زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تزل روح الإسلامي هي المرفرفة في سمائه وقد كان هناك الفقهاء وأهل الحديث والزهاد والعباد والجيوش المرابطة والجيوس التي تخرج إلى الغزو في رحلتي الشتاء والصيف، وكانت هناك الفتوحات ودخول الناس في دين الله أفواجاً .. لذلك من الخطأ أن يتبادر إلى الذهن أن المجتمع الإسلامي في القرن الثاني الهجري كانت تشيع فيه روح الفساد والإنحراف .. فالزندقة والشعوبية كانت في فئة خاصة من أبناء العجم الذين كانوا في تآمر دائم على دول الإسلام .. وأما الإنحراف والمجون فقد كان مقصوراً على طبقة مترفة، وكانت هذه الطبقة منبوذة لدى عامة الناس.

الزنادقة الأوائل مع مختارات من كتاباتهم وأشعارهم:

ذكر ابن النديم أسماء رؤساء الزنادقة: "ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة: ابن طالوت، أبو شاكر، ابن أخي أبي شاكر، ابن الأعدى الحريزي، ونعمان بن أبي العوجاء، صالح بن عبد القدوس، ولهؤلاء كتب مصنفة في نصرة الاثنين (النور والظلمة) ومن مذاهب أهلها وقد نقضوا كتباً كثيرة صنفها المتكلمون في ذلك. ومن الشعراء: بشار بن يرد، إسحاق بن خلف، ابن نباتة، سلم الخاسر، على بن الخليل، على بن ثابت، ومن تشهر أخيراً أبو عيسى الوراق، وأبو الناشي، والجبهان بن محمد بن أحمد" وذكر ابن النديم أيضاً من كان يُرمى بالزندقة من الملوك والرؤساء: "قيل إن البرامكة بأسرها، إلا محمد بن خالد بن برمك، كانت زنادقة، وقيل في الفضل وأخيه الحسن مثل ذلك، وكان محمد بن عبيد الله كاتب المهدي زنديقاً واعترف بذلك فقتله الخليفة المهدي" أقول: هكذا استبان لنا خطر الزندقة لدرجة أنهم تغلغلوا في جهاز دولة الخلافة وصارت لهم مناصب كبيرة من رؤساء وشعراء!! ومن ثم لا عجب أن يوصي الخليفة العباسي المهدي (ت169هـ) ولده موسى الهادي (ت170هـ) بتتبع الزنادقة وجهادهم وكشفهم والفتك بهم .. حيث يقول الخليفة المهدي في وصيته:

وصية الخليفة المهدي:

"يا بني إذا صار الأمر إليك فتجرد لهذه العصابة، يعني أصحاب ماني، فإنها تدعوا الناس إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش، والزهد في الدنيا، والعمل للآخرة، ثم تخرجها من هذا إلى تحريم اللحوم، ومسّ الماء الطهور، وترك قتل الهوام تحرجاً، ثم تخرجها إلى عبادة: اثنين أحدهما النور والآخر الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات، والاغتسال بالبول، وسرقة الأطفال من الطرق، لتنقذهم من ضلال الظلمة إلى هداية النور، فارفع فيها الخشب، وجرّد السيف فيها، وتقرّب بأمرها إلى الله. فإني رأيت جدي العباس رضي الله عنه في المنام قد قلدني سيفين لقتل أصحاب الاثنين" بعد هذا التطواف نتكلم عن أهم رموز الزنادقة قديماً نختار منهم: صالح بن عبد القدوس/ وبشار بن برد أما ابن الريوندي فيحتاج إلى بحث خاص.

رموز الزنادقة قديما:

أولاً صالح بن عبد القدوس:

هو صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس من أهل البصرة، كان يجلس للوعظ ويقص الأخبار. غير أنه كان يزين الثنوية (دين الفرس القديم)، فلما اشتهر أمره استقدمه الخليفة المهدي، لكنه هرب إلى دمشق واستخفى بها زمناً فلما عرف المهدي مكانه، وجه إليه قريشاً الحنظلي فقبض عليه وجاء له إلى بغداد. فحاكمه المهدي ثم قتله سنة 167هـ. ويجمع الإخباريون أن صالح بن عبد القدوس كان من كبار الزنادقة وأنه كان من الثنوية من أتباع ماني .. وقد ذكره ابن النديم في معرض ذكره عن كبار الزنادقة: " ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة: ابن طالوت ( .. ) وصالح بن عبد القدوس" وذكره الخطيب في تاريخه: " صالح بن عبد القدوس أبو الفضل البصري مولى لاسد أحد الشعراء اتهمه المهدى أمير المؤمنين بالزندقة فأمر بحمله اليه واحضره بين يديه فلما خاطبه اعجب بغزارة ادبه وعلمه وبراعته وحسن بيانه وكثرة حكمته فأمر بتخلية سبيله فلما ولى رده وقال له ألست القائل

والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير