تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإسلام في منطقة كاسماس]

ـ[عبد الأحد محمد الأمين ساني]ــــــــ[17 - 09 - 08, 04:25 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تسكن في كاسماس عناصر بشرية متباينة، كالبينونك والماندينك والفلان وجولا وبالانت ومانجاك وكونياجي، وقد اتفق المؤرخون على أن السكان الأصليين للمنطقة هم قبيلة بَايْنُونْكَ الوثنية، ولما أتى عنصرا الماندينك والفلان فتغلبوا عليهم فاندمج معظمهم فيهم، ودفعوا بعضهم للنُّزوح من مراكزهم ومدنهم إلى غرب كاسماس حيث يسكن قبيلة جولا وأصبحوا يتكلمون بلغتهم.

دخول الإسلام في كاسماس

بدأ دخول الإسلام في كاسماس في وقت مبكر حيث وصلت مجموعتان من الماندينك والفلان إلى المنطقة نازحين من مالي بعد سقوط مملكتها [1240 - 1488 م] وكانوا تحت قيادة "تِيرَامَاكَنْ تَرَاوُرِي" أحد قادة جيش مالي - وهو مَانْدِينْكِيٌّ - وقد وجدوا فيها مجموعتين من بني عمهما الْمَانْدِينْكَ والْفُلاَّنْ بالإضافة إلى القبائل الأخرى التي سبقتهم هنالك بزمن طويل، ولم يكن السكان الأوائل من الْمَانْدِينْكِيِّينَ والْفُلاَّنِيِّينَ مُسلمين، بل كانوا وثنيين يعبدون الأرواح والأصنام. أما المجموعة القادمة من مالي، بقيادة "تِيرَامَاكَنْ تَرَاوُرِي" فقد كانت مسلمة، غير أنها لم يكن همها ولا هدفها نشر الإسلام أو بث تعاليمه، وإن ظلت محتفظة بإسلامها السطحي، لكن ثقافتها الدينية لم تكن تسمح لها بالحفاظ على الأصول والمبادئ الإسلامية الثابتة، نظرا لسطحيتها وبرودتها.

ومن دخول القائد تِيرَامَاكَانْ تَرَاوُورِي المنطقة بدأ وجود الإسلام يظهر جليا فيها، لكن مع مرور الزمن وفشو الجهل بأمور الدين وأحوال الشريعة، جعلت الوثنية تحل محل الإسلام فيها، وأصبح حالة الناس في الإسلام سيئة جدا، بل إن كثيرا من الذين لم يبارحوا الإسلام قد أهملوا تعاليمه أشد الإهمال، ورموا بأوامره وراء ظهورهم واتبعوا أهواءهم، وتعاطوا أنواعا من الرذائل، وأنماطا من الموبقات، كالسحر وشرب الخمر وعبادة الأرواح، ومع ذلك كله فقد بقيت بعض الآثار الإسلامية في أوساط المجتمع، ويظهر ذلك حتى في أسماء ملوكهم، إذ وُجد من بينهم من اسمه الملك محمود سانِي والْملك الحسن سانِي، والملك الحسين سانِي، والوزير انْفَامَّرَ مَانِي، مُحَرَّفُ من عُمَرْ، وكذلك القائد المشهور "عَالِنْغْ سُونْكُو" مُحَرَّفٌ من عَلِيّ.

الإسلام فى كاسماس في الفترة مابين [1600 و 1900 م]

قد يكون من الصعب جدا إلقاء ضوء - على وجه التفصيل- عن حالة الإسلام وعن أماكن انتشاره في المنطقة في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، بيد أن دخول الإسلام فيها سابق لهذه الفترة وهذا أمر مؤكد لما سبق أن ذكرناه في المبحث السابق، لكننا عندما نتجاوز القرنين المذكورين إلى القرن التاسع عشر يتضح لنا الأمر أكثر من ذي قبل، حيث نقف في القرن المذكور على تفاصيل لخريطة انتشار الإسلام في المنطقة وتفاصيل لحياة كثير من حملة الدعوة الإسلامية الذين لعبوا دورا بارزا في نشر الإسلام، وبث تعاليمه فيها، وكان على رأسهم:

الشيخ الْمجاهد فُودِي سَامَ سِيلاَّ من قرية "وُودُوكَارْ"، ومؤسس قرية "دار السلام"، وهما من قرى مقاطعة "پَاكَاوْ" وهو الذي أجهز على آخر معقل للمملكة البَايْنُونْكِيَّةِ الوثنية التي كانت عاصمتها مدينة "مَانْدُووَارْ" حيث غزاها ولاحق فلول جيوشها حتى ألجأهم إلى الساحل الغربي، فلم يقم لهم بعد ذلك قائمة، بل أوشكوا على الانقراض إذ اندمج معظمهم في الماندينكيين والتحق فلولهم بالْجُولَوِيِّينَ واندمجوا فيهم، وقد توفي الشيخ - رحمه الله تعالى - في قرية "دار السلام" بعد حياة حافلة بالإنجازات العلمية، والتربوية فضلا عن الجهاد الَّذي كان يقوم به حتى طهر منطقة "پـَاكَاوْ" من وجود الوثنية. وقد توفي- رحمه الله تعالى- عام [1843هـ].

ومن أبرز معالم الجهاد ونشر الإسلام في المنطقة: الإمام فُودِي كَبَا دُومْبُويَا [1818 - ـ1901م]

فقد ركّز "فُودِي كَبَا " جُلَّ اهتمامه على جَماعة (جُولاَ) الَّتي كانت إلى هذه الفترة، لَم ينتشر في صفوفها الدين الإسلامي، وبفضل جهوده كلّل الله تعالى مساعيه بالنجاح بدخول عدد كبير من أبناء هذه الجماعة في الإسلام، ونجح في بناء أسس الثقافة الإسلامية في مناطقهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير