تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المسلمين و لا هياجهم شيئا. و في شهر ديسمبر سنة 1085م دشنت الكنيسة الجديدة في حفل ملوكي ضخم, و استمر بناء الجامع بعد تحويله إلى كنيسة إلى كنيسة قائمة قائما زهاء قرن و نصف حتى أمر بهدمه الملك فرنادنو الثالث في سنة 1227م, و أمر بأن تبنى مكانه الكاتدرائية الحالية, و هي من أعظم و أغنى الكنائس الإسبانية. وقد كانت طليطلة و ما زالت مقر الرياسة الدينية العليا للكنيسة الإسبانية.

و قد بدأ بناء هذه الكنيسة في عصر فرناندو الثالث, و لكن بناءها استمر دهرا و لم يتم إلا في سنة 1492م, في نفس الوقت الذي سقطت فيه غرناطة آخر القواعد الأندلسية. و توجد في نهاية صحنها, لوحة كتب عليها بالإسبانية ما يأتي: "في سنة 1492 فتحت غرناطة و كل ممتلكاتها, على يد الملكين فرديناند و إيسابيلا. و في نفس هذا العام في نهاية شهر يوليه , أخرج جميع اليهود من جميع ولايات قشتالة و أراجون و طليطلة. و في السنة التالية –سنة 1493 - كان إتمام هذه الكنيسة"

و يوجد تحت القبة الكبرى, في شريط الحظيرة التي تحيط ببهو الهيكل الكبير, نقوش خشبية مصورة تمثل قصة حصار غرناطة و افتتاحها, و يبدو فيها فرسان معممون هم الفرسان المسلمون, كما تبدوا مناظر الحمراء و قلاعها. و تبدو صور الملك فرديناند و الملكة إيسابيلا كل على جواده, و تسمى هذه النقوش "افتتاح غرناطة في عصر الملكين الكاثوليكيين" Conquista de Granada en tiempo de los reyes catolicos, و تعتبر من أقيم ما تزدان به الكنيسة.)

(على أن أهم ما يثير طلعة الباحث بين ذخائر كنيسة طليطلة, هو علما السلطان أبي الحسن المريني, اللذان غنمهما الإسبان, في موقعة سالادو أو موقعة طريف, و هي الموقعة التي نشبت بين الإسبان, و بين الجيوش الأندلسية و المغربية المتحدة, بقيادة السلطان يوسف أبي الحجاج و السلطان أبي الحسن المريني الذي عبر إلى إسبانيا لنجدة المسلمين, و ذلك في 30 أكتوبر سنة 1340م (جمادى الأولى سنة 741ه) و هُزم فيها المسلمون هزيمة فادحة, و سقط معسكر السلطان أبي الحسن في يد النصارى, وكان من أسلابه هذان العلمان, اللذان مازالت تحتفظ بهما حتى اليوم إسبانيا النصرانية, عنوانا لظفرهما في ذلك اليوم المشهود.) (3)

زيارة السفير المغربي ابن عبد الوهاب لكنيسة طليطلة

يقول مؤرخ الأندلس المعاصر الأستاذ المصري عبد الله عنان رحمه الله: (و قد زار الوزير ابن عبد الوهاب سفير ملك المغرب, طليطلة سنة 1691م, و هو يقدم لنا في رحلته التي سبقت الإشارة إليها, هذا الوصف الشائق لطليطلة و كنيستها العظمى و هو يسميها في وصفه بالمسجد, و يبدو في هذا الوصف عميق تأثره , بروعة منظرها و دخائرها:

" و أسوار هذه المدينة و حيطانها و أزقتها, باقية على حالها من عهد عمارتها من المسلمين, و أثرها أثر الحضارة, إلا أن أكثر أزقتها ضيقة جدا, ودورها باقية على حالها من البناء الإسلامي و تفصيله, و النقش في السقف و الحيطان بالكتابة العربية, و مسجدها الجامع من عجائب الدنيا, إذ هو مسجد كبير مبني كله من الحجارة الصلبة, القريبة الشبه بالرخام, و سقفه مقبوه من الحجارة و هو في غاية ارتفاع السمك, و علوه في الجو, و سواريه في غاية الضخامة و الصناعة العجيبة, و النقوش. و قد أحدث النصارى من هذا المسجد من جوانبه, زيادة في الوسط بشبابيك من نحاس أصفر, و فيها من تصاويرهم و صلبانهم و آلة الموسيقى المسماة عندهم أوركان, التي يضربون بها وقت صلواتهم, مع الكتب التي يقرأونها في الصلوات, شيء كثير. و قد جعلوا أمام هذا الشباك صورة المصلوب, وهو من ذهب يقابلونها في صلواتهم. و أبواب هذا المسجد غاية في الإتقان و الصناعة. و قد زادوا فوقها من الصور ما هو من عوايدهم, التي لا يمكنهم تركها. و من الزيادات المحدثة في جوانب هذا المسجد, بيوت كثيرة كبيرة مشتملة على خزاين من الأموال كثيرة, فيها من الذخائر و الأحجار الملونة, مثل الياقوت الأحمر و الأبيض و الأصفر و الزمرد, و التيجان المرصعة بالدر الفاخر, و الأحجار النفيسة التي لها بال و لا تقوم بمال. و مع هذه الذخائر تاج كبير من الذهب , و مع سواران من ذهب, زعموا أن ذلك من عهد المسلمين رحمهم الله) (4)

زيارة الغزال الفاسي لكنيسة طليطلة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير