تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أن التقييد هو المعروف في السنة والأثر، فإذا ورد إطلاق فيقيد به، وإن كان المنقول بخلاف الأصل المعروف فإنه ينص عليه ليتميز، وهنا لم ينص على شيء.

الثالث: إن النقل عن القاسم هو نقل فعل لا نقل قول فلا يتبين منه الإطلاق صراحة.

قلت: هذا أصح ما روي عن التابعين، وكما ترى النقل عن جملتهم تقييد الأخذ بالحج والعمرة اقتداء بالأثر من السنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما كيفية الأخذ فأطلقت هنا، وفعل ابن عمر -رضي الله عنهما- كما تقدم في الحج أو العمرة مقيد فيما زاد على القبضة، فاقتداء التابعين بما جاوز القبضة كاقتدائهم بالحج أو العمرة.

المبحث الخامس: ما جاء عن الأئمة الأربعة ():

1 - ما جاء عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-:

قال محمد بن الحسن -صاحب أبي حنيفة- رحمهما الله:

أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنه كان يقبض على لحيته ثم يقص ما تحت القبضة.

قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة. (الآثار 900).

قلت: فهذا مذهب الإمام أبي حنيفة صريح واضح في احتجاجه بفعل ابن عمر -رضي الله عنهما-.

وهو المعتمد في المذهب، قال ابن عابدين:

الأخذ من اللحية دون القبضة، كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال لم يبحه أحد. (الحاشية 2/ 417).

2 - ما جاء عن الإمام مالك بن أنس (93 - 179هـ) -رحمه الله-:

قول الإمام مالك بن أنس في المسألة هي قول من تقدمه من الصحابة والتابعين، وهو قول إخوانه الأئمة الثلاثة -رحمهم الله تعالى-.

فقد نص في موطأه، فقال:

باب السُّنَّة في الشعر

روى (2/ 722) عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع عن عبدالله بن عمر: «أن رسول الله ×: أمر بإحفاء الشوارب، وإعفاء اللحى». اهـ.

هكذا بوًّب مالك في شأن اللحية، وأن السنة فيها الأمر بإعفاءها كما ورد في النص.

ولما جاء ذكر التقصير للشعر في (كتاب الحج) أورد فعل ابن عمر -رضي الله عنهما- من إجازة الأخذ منها في الحج أو العمرة.

قال في كتاب الحج:

باب التقصير

قال (1/ 318): عن نافع: أن عبدالله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج، لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئاً حتى يحج.

قال مالك: ليس ذلك على الناس.

ثم روى مالك (1/ 318): عن نافع أن عبدالله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه.

قلت: هذا رأي الإمام مالك أن حكم اللحية على الإطلاق هو الأمر بإعفاءها كما رواه في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وأنه لا يقيد هذا الإطلاق إلا فعل ابن عمر في الحج أو العمرة من الأخذ منها.

ويؤكد هذا ما نقله الشافعي عنه من سماعه (الأم 7/ 254 - كتاب اختلاف الإمام مالك والشافعي) قوله:

قال مالك: ليس يضيق أن يأخذ الرجل من رأسه قبل أن يحج. اهـ.

فنقل الشافعي عن مالك توسعته لمن يريد الحج أو العمرة بعد رمضان أن يأخذ من رأسه، ولم يجز ذلك في اللحية إلا في الحج أو العمرة.

فالتحديد الوارد عن مالك في هذا الباب: هو ما ورد عن الأئمة الثلاثة من أنه لا يؤخذ من اللحية إلا من طولها في الحج أو العمرة.

وأيضاً هي رواية صريحة ثابتة عن الإمام مالك. (حاشية العدوي 2/ 580).

قلت: فالإمام مالك لم يجز الأخذ إلا من الطول وفي الحج أو العمرة.

والإمام مالك كان يستحب الأخذ ولم يوجبه (المدونة 2/ 430).

ولهذا أجاز الأخذ من اللحية من طولها إذا طالت جداً كما في رواية ابن القاسم. (التمهيد 24/ 145).

قلت: وهو المعتمد في المذهب، قال الحطاب المالكي:

وحلق اللحية لا يجوز، وكذلك الشارب، وهو مُثْلة وبدعة، يؤدب من حلق لحيته أو شاربه، إلا أن يريد الإحرام للحج ويخشى طول شاربه. (مواهب الجليل 1/ 216).

3 - ما جاء عن الإمام الشافعي (150 - 204هـ) -رحمه الله-:

مذهب الشافعي في اللحية هو مذهب من قبله من الصحابة ومن بعدهم من الأئمة -كما نقل الإجماع عن الصحابة والتابعين-، وقد احتج الشافعي بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وفعله، فمنع الأخذ من اللحية، إلا في الحج أو العمرة كصنيع ابن عمر -رضي الله عنهما-.

أما النص في موضوع حلق اللحية:

فقد نص الشافعي على تحريم حلق اللحية. (نقله ابن الرفعة الشافعي عن الأم).

وأيضاً فإن الشافعي في كتابه «اختلاف الإمام مالك والشافعي» قد قرَّر ذلك:

قال الربيع (7/ 253): قال الشافعي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير