تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وجوب إعفاء اللحية (إشكالات وأجوبة)]

ـ[صالح الديحاني]ــــــــ[18 - 08 - 06, 12:32 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه بعض الإشكالات على وجوب إعفاء اللحية جمعتها من الردود التي رد بها مشايخنا في الملتقى على كتاب الجديع، وبعض الكتب ككتاب "التشبه المنهي عنه " وغيرها، آملاً النفع بها،وأن يرزق الله الأجر والمثوبة من كتبها وقرأها وجمعها ..

**********************

الإشكال الأول:- أن اللحية من العادات والمظاهر التي يجب أن تكون على ما اعتاده أهل البلد كالعمامة والبرانس وغيرها، وأن النبي ? قد أعفى لحيته لأن قومه كانوا يعفون لحاهم، وكذلك لبس العمامة لأن قومه كانوا يلبسونها ..

والجواب: أن قياس اللحية على العادات أو اعتبارها منها خطأ! لأن العمامة وغيرها غاية ما فيها أنها أفعال للنبي ? فلم يرد بخصوصها أمر ولا نهي، فكيف يقال أن اللحية مثلها واللحية قد ورد فيها نصوص صحيحة ثابتة تخصها بحكم خاص؟؟!

*************************

الإشكال الثاني:- أنه ورد في السنة أحاديث كثيرة فيها الأمر بمخالفة اليهود أو النصارى ومع ذلك هي من السنن وليست بواجبة مثل: قوله ?:" خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم "، وحديث:" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "، وكذلك حديث:" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"، وحديث " أن النبي ? كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم"، فالصلاة في النعال وصبغ الشيب وأكلة السحور وفرق الشعر كلها سنن مع أنها مقترنة بمخالفة الكفار أو أهل الكتاب فلماذا حُكم بوجوب إعفاء اللحية وما سواها بالسنية مع أنها نفس العلة ونفس الأمر؟؟!!

الجواب: هذا الإشكال قد تعلق به البعض بل وبنى قوله عليه، والرد عليه من وجوه:-

الوجه الأول: أن المخالفة المنصوصة في الحديث جاءت بصيغة الأمر " والأمر في الأصل للوجوب ما لم يصرفه صارف " كما هو مقرر عند علماء الأصول، فعلى هذا يكون حكم المخالفة الواردة " الوجوب "، ومما يزيد القول بالوجوب قوةً ما صح عن النبي ? أنه قال:" من تشبه بقوم فهو منهم "، وهذا الحديث يدل على أن التشبه على أقل الأحوال محرم، ولا يكون ترك ذلك المُحرّم إلا بالمخالفة فتكون في الأصل واجبة ..

الوجه الثاني: إذا تقرر لديك ما سبق وهو أن " المخالفة المأمور بها " واجبة بقي أن ننظر في الأحاديث السابقة وما الصارف الذي صرفها من الوجوب إلى الاستحباب، فنقول:

*أما حديث:" خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم" فقد صرفه ما أخرجه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:" رأيت رسول الله ? يصلي حافياً ومنتعلاً. " قال الألباني: حسن صحيح، وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه- عند أبي داود أيضاً-: أن رسول الله ? قال " إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد وليضعهما بين رجليه ". قال الألباني: حسن صحيح. فهذه الأحاديث صرفت الأمر من الوجوب إلى الاستحباب.

* وأما حديث:" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ".ففيه خلاف فقد جاء عن الإمام أحمد روايةٌ "بالوجوب"، وقد صُرف الأمر بالصبغ عن الوجوب بأمرين:-

1 - أن النبي ? لم يخضب شعره كما جاء في الصحيحين من حديث محمد بن سيرين قال:"سألت أنساً أخضب النبي ?؟ قال لم يبلغ الشيب إلا قليلاً "وفي رواية مسلم " ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكتم".

2 - ترك جمع من الصحابة للخضاب ومنهم علي وأبي وسلمة وغيرهم فلو كان واجباً ما تركوه. (راجع فتح الباري 10/ 355).

* وأما حديث:" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"، فإنه جاء بصيغة الإخبار لا بصيغة الأمر، فلا حجة فيه!

فإن قال قائل: جاء الأمر بالسحور في غيره من الأحاديث كما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ?:" تسحروا فإن في السحور بركة " ومع ذلك فهو سنة! فنقول الصارف له من الوجوب إلى السنية ما يلي:-

1 - أنه علل الأمر بالبركة بقوله:" فإن في السحور بركة " وطلب البركة غير واجب فصار السحور غير واجب.

2 - ومن الصوارف أن النبي ? واصل بالصحابة حتى انتهى الشهر وهذا مستلزم لترك السحور فدل على أنه غير واجب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير