قوله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «إذا سَجَد أحدُكم فلا يَبْرُك كما يبرك البعير ُ» فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يَبْرُكَ الرَّجلُ كما يَبْرُك البعيرُ، والبعيرُ إذا بَرَكَ يُقدِّم يديه، فيقدِّم مقدمه على مؤخره كما هو مشاهد، وقد ظَنَّ بعضُ أهل العِلم أن معنى قوله: «فلا يبرك كما يبرك البعير» يعني: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، وأنه نهى أن يبركَ الإِنسانُ على رُكبتيه، وعلى هذا؛ فيقدِّم يديه، ولكن بين اللفظين فَرْقاً واضحاً، فإنَّ النهيَ في قوله: «كما يبرك» نهيٌ عن الكيفية؛ لأن الكاف للتشبيه، ولو كان اللفظ: «فلا يبرك على ما يبرك» لكان نهياً على ما يسجد عليه، وعلى هذا؛ فلا يسجد على رُكبتيه؛ لأن البعير يبرك على ركبتيه، وعلى هذا فيقدِّم يديه.
33 - ص (365)
مسألة: لو فُرض أن المأموم سَبَّح، ولكن الإمام لم ينتبه، وسَبَّح ثانية، ولم ينتبه، وربما سَبَّح به فقام؛ وسَبَّح به فجلس؛ فماذا يصنع؟
الجواب: قال بعض العلماء: يخبره بالخَلَلِ الذي في صلاته بالنُّطْقِ، فيقول: اُركعْ ... اُجلسْ ... قُمْ ... ، ثم اُختلف القائلون بأنه يقول هذا، هل تبطل الصَّلاةُ بذلك أم لا؟
فقال بعضهم: لا تبطل؛ لأن هذا كلام لمصلحة الصَّلاة، وليس كلام آدميين، يعني لم يقصد به التَّخاطب مع الآدميين، بل قَصَدَ به إصلاح الصَّلاة.
واُستدلُّوا لذلك: بأن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال له ذو اليدين: «بلى قد نسيتَ ... قال: أكما يقول ذو اليدين؟» وهذا كلامٌ يُخاطب به الآدميين؛ لكنه كلام لمصلحة الصَّلاة.
القول الثاني: أن الصَّلاةَ تبطل إذا تكلَّم؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هذه الصَّلاةَ لا يصلحُ فيها شيءٌ مِن كلامِ النَّاسِ»، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتَّسبيحِ ولو كان الخطابُ لمصلحة الصَّلاةِ لا يضرُّ لكان يأمر به؛ لأنه أقربُ إلى الفهم وحصول المقصود من التسبيح، فلما عَدَلَ عنه عُلِمَ أن ذلك ليس بجائز؛ لأن المصلحةَ تقتضيه لولا أنه ممتنع، ولا شَكَّ أن هذا الدليل قويٌّ، وأنَّ الصَّلاةَ تبطلُ إذا نبَّه بالكلام، ولكن نحتاج إلى الجواب عما اُستدلَّ به القائلون بأن الصَّلاةَ لا تبطل؛ لأن الكلام لمصلحة الصَّلاةِ.
والجواب عن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين تكلَّم لم يكن يعلم أنه في صلاة، بل كان يظنُّ أنَّ الصَّلاةَ تمَّت، ولهذا قال: «لم أنسَ ولم تُقصرْ» ولما قالوا: صدق ذو اليدين، أو قالوا: نعم، لم يتكلَّم بعدُ، بل تقدَّم وصَلَّى ما تَرَكَ. وفَرْقٌ بين شخص يعلَمُ أنه في صلاة، ولكن يتكلَّم لمصلحة الصَّلاةِ، وشخص لم يتيقَّن أنه في صلاة، بل كان ظنُّه أنه ليس في صلاة، وأنَّ صلاتَه تمَّت، وحينئذٍ فلا يتمُّ الاستدلال بهذا الحديث.
34 - ص (444)
وقوله: «والأركان» سبقت أيضاً، والفَرْقُ بينها وبين الشرائط: أن الشرائط خارج الصلاة، والأركان في نفس الصلاة، فهي ماهيَّة الصلاة.
ـ[ابن القرشي]ــــــــ[11 - 08 - 06, 02:42 م]ـ
الفروق في المجلد الرابع
:
35 - ص (40)
وفي قوله: «ما قضيتَ» إثباتُ القضاءِ لله.
وقضاءُ الله: شرعيٌّ، وقَدَريٌّ.
فالشَّرعيُّ مثل قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (الإسراء: من الآية 23)
والقدريُّ مثل قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً} (الإسراء: 4).
والفَرْقُ بينهما مِن وجهين:
الوجه الأول: أنَّ القضاءَ الكونيَّ لا بُدَّ مِن وقوعِهِ، وأما القضاءُ الشَّرعيُّ فقد يقع مِن المقضيِّ عليه وقد لا يقعُ.
الوجه الثاني: أنَّ القضاءَ الشَّرعيَّ لا يكون إلا فيما أحبَّه الله، سواءٌ أحبَّ فِعْلَه أو أحبَّ تَرْكَهُ وأما القضاءُ الكونيُّ فيكون فيما أحبَّ وفيما لم يحبّ.
36 - ص (131)
قوله: «والمستمع» دليله: حديثُ ابن عُمر وعن أبيه: حيث كانوا يسجدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: «دون السامع» أي: أنَّ السَّامع لا يُسَنُّ له أنْ يسجدَ،
والفَرْقُ بين المستمع والسَّامع:
¥