130 - ص (364)
قوله: " ولا يبيع بعرض " ...
قوله " ولا نَسَاء " أي: بثمن مؤخر، سواء كان مؤجلاً أم غير مؤجل، فلا بد أن يكون نقداً يداً بيد، فعلى كلام المؤلف إذا باع شيئاً أذنت له في بيعه، ولم يقبض الثمن فإنه يكون ضامناً، لكن كلام المؤلف هنا ينبغي أن يقيد بما إذا لم يدل العرف على التأخير، والآن عند الناس لو بعت عليك شيئاً اليوم، يمكن أن تذهب به ولا آخذ الثمن منك إلا بعد يوم أو يومين، حسب كثرة الثمن وقلته، وحسب حال المشتري، إلا إذا كان المشتري لا يُعرف، فإنه إذا لم يبعه نقداً يداً بيد فهو ضامن؛ لأنه مفرِّط.
مثاله: إنسان عرض سيارة للمزايدة، فجاء أجنبي لا يعرفه وقال: السيارة تساوي عشرة، وأنا آخذها منك بأحد عشر ألفاً، فأخذها وذهب، فلا يمكن للوكيل أن يدعه يذهب بدون نقد ولو فعل لكان ضامناً؛ لأنه مفرط.
وهل يبيع مؤجلاً؟ المؤجل غير النسأ، والنسأ هو تأخير القبض ولو كان غير مؤجل، والمؤجل تأخير الوفاء.
مثال ذلك: قلت: بعتك هذا الشيء بثمن يحل بعد شهر فهذا مؤجل، وبعتك هذا الشيء ولم أقبض الثمن فهذا نسأ؛ لأن فيه تأخيراً، وبعتك هذا الشيء بعشرة وأعطيتني إياها وأخذته فهذا يداً بيد.
فإن باع مؤجلاً فإن ذلك لا يصح ولو كان الثمن المؤجل أكثر.
132 - ص (420)
قوله: " وكذا مساقاة ومزارعة ومضاربة " يعني اختلف المُسَاقي والمزارع، وعرفنا أن المساقاة هي أن يدفع الإنسان أرضه ونخله لشخص يقوم عليها بجزء من الثمرة، والمزارعة أن يدفع إنسان أرضه البيضاء التي ليس فيها زرع إلى فلاح يزرعها وله نصف الزرع - مثلاً -، والفرق بينهما المساقاة على أشجار، والمزارعة على أرض تزرع.
133 - ص (421)
قوله: " وكذا مساقاة ومزارعة ومضاربة " ...
فإذا اختلفا لمن المشروط في المساقاة والمزارعة فللعامل على المذهب، وعلى الراجح ينظر إلى القرائن فيعمل بها، وإن اختلفا في قدره فالقول قول صاحب الأرض في المزارعة، وصاحب النخل في المساقاة.
مثال ذلك: أعطيتُ فلاحاً هذا البستان بما فيه من نخيل وعنب ورمان ليقوم عليه بثلث ما يخرج منه، يعني ولي الثلثان، فنسميها مساقاة.
ومثال المزارعة: عندي أرض بور ليس فيها شيء أعطيتها شخصاً يزرعها شعيراً، أو بُرّاً، أو أرزاً، أو ما أشبه ذلك بالنصف أو بالربع أو بالثلث، فهذه نسميها مزارعة، فالمساقي يقول في الصورة الأولى: خذ هذا النخل والأشجار، واتفقوا على أن المشروط الثلثان، وعند جذ النخيل وجمع العنب وما أشبه ذلك اختلفوا، فقال العامل: المشروط لي، وقال صاحب النخيل: هو مشروط لي، فالقول هنا قول العامل على المذهب.
وإن اختلفا في قدر المشروط، قال العامل: إنك قد شرطت لي ثلاثة أرباع، وقال صاحب الأصل: قد شرطت لك النصف، فهما الآن متفقان على أن المشروط له هو العامل، لكن اختلفا في قدر المشروط، فالقول هنا قول صاحب الأرض، وكذلك يقال في المزارعة.
فهنا فرق بين الاختلاف في تعيين المشروط له، وبين الاختلاف في تعيين المشروط، إن كان الاختلاف في تعيين المشروط له، فالقول قول العامل، وإن كان في قدر المشروط مع الاتفاق على تعيين المشروط له فالقول قول رب المال.
والتعليل أن العامل استحق السهم في عمله بالعمل فكان القول قوله، وهذا على المذهب والقول الثاني: أنه للعامل إن كانت دعواه مقاربة، أما إن كانت بعيدة عن الواقع فالقول قول صاحب الأرض.
134 - ص (435)
قوله: " الرابع: شركة الأبدان أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما ". . .
قوله: " فما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله ". . .
قوله: " وتصح في الاحتشاش والاحتطاب " ...
وهذه ليس فيها مال وإنما هو عمل، والفرق بينها وبين شركة الوجوه، أن شركة الوجوه يأخذان المال من ثالث ويعملان بأبدانهما، أما هذه فلا يأخذان من أحد مالاً ولا يأتي أحدهما بمال وإنما يشتركان في العمل.
135 - ص (457)
" فصل: وتصح المزارعة بجزء معلوم النسبة " المزارعة هي أن يدفع أرضاً لمن يزرعها بجزء من الزرع.
والفرق بينها وبين المساقاة أن المساقاة على الشجر، والمزارعة على الزرع، والفرق بين الشجر والزرع أن ما له ثمر وساق وأغصان يسمى شجراً، وما ليس كذلك فإنه يسمى زرعا ً.
مثال الزرع: القمح، والذرة، والشعير، والأرز، وما أشبه ذلك.
136 - ص (461)
وقوله: " والغراس " إشارة إلى المغارسة، والمؤلف لم يذكرها، فهناك عقد ثالث غير المساقاة والمزارعة، ويسمى المغارسة، ويسمى المناصبة، وهي أن يدفع الإنسان الأرض لشخص يغرسها بأشجار ويعمل عليها بجزء من الأشجار، ليس بجزء من الثمرة، بل بجزء من الغرس والثمرة تتبع الأصل، والفرق بينها وبين المساقاة، أن المساقاة بجزء من الثمرة، والأصل - أي: الشجر - لرب الأرض، وهذه بجزء من الأصل نفسه، أي: من الغرس، وهي جائزة، وإذا تمت كان للعامل نصف الشجر، أو ربعه، حسب الشرط، والمساقاة إذا تمت كان للعامل نصف الثمرة أو ربعها حسب الشرط، إذن بينهما فرق.
¥