ـ[أبو عبد الرحمن العامري]ــــــــ[13 - 08 - 06, 04:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[13 - 08 - 06, 04:28 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك خيرا
ومن هنا فرَّق العلماء بين المال الحرام (لذاته) و (لكسبه) فبينما يمكن أن يقال بحل المكتسب من الحرام إذا انتقل بطريقة شرعية في حال الحياة والممات، لا يمكن أن يكون هو الحكم ذاته في المال الحرام (لعينه) لأنه لم يدخل أصلا في ذمة من ملكه، بل هو متعلق بذمة صاحبه الأصلي، أرأيت لو سرق رجل بضاعة من غيره ثم جاء يبيعها في السوق هل يحل لك شراءها لأنها ستنتقل إليك بطريق مباح - البيع -؟ الجواب: قطعا لا.
ولمعرفة الأدلة على ذلك: تأمل الفرق بين من يأخذ مال غيره دون إذنه - وهنا هو حرام لعينه -، وبين من يكسب الحرام: كيف تصرف النبي صلى الله عليه وسلم مع كليهما:
1. عن عاصم بن كليب عن أبيه أن رجلا من الأنصار أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما رجعنا لقينا داعي امرأة من قريش فقال يا رسول الله أن فلانة تدعوك ومن معك إلى طعام فانصرف فانصرفنا معه فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم ثم جيء بالطعام فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ووضع القوم أيديهم ففطن له القوم وهو يلوك لقمته لا يجيزها فرفعوا أيديهم وغفلوا عنا ثم ذكروا فأخذوا بأيدينا فجعل الرجل يضرب اللقمة بيده حتى تسقط ثم أمسكوا بأيدينا ينظرون ما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها فألقاها فقال أجد لحم شاة أخذت بغير أذن أهلها فقامت المرأة فقالت يا رسول الله إنه كان في نفسي أن أجمعك ومن معك على طعام فأرسلت إلى البقيع فلم أجد شاة تباع وكان عامر بن أبي وقاص ابتاع شاة أمس من البقيع فأرسلت إليه ان ابتغي لي شاة في البقيع فلم توجد فذكر لي أنك اشتريت شاة فأرسل بها إلي فلم يجده الرسول ووجد أهله فدفعوها إلى رسولي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعموها الأسارى.
رواه أحمد وأبو داود وجوده العراقي في " تخريج الإحياء ".
2. أكل النبي صلى الله عليه وسلم عند اليهود مع قوله تعالى بأنهم يأكلون السحت ويأخذون الربا، فعندهم الحلال والحرام، وهذا هو المختلط، ومثله المال المكتسب بالحرام.
وكلامنا في الاكتساب هو باعتبار الانتقال، أما صاحبه فلو أراد التوبة فعليه تحري الكسب الحرام وإخراجه من ماله، فإن جهله فيتخلص مما تبرء به ذمته، فإن لم يستطع فبنصف ماله، ودليل النصف: ما حكم به عمر بن الخطاب على ابنيه لما اكتسبا من مال المسلمين تأولا واجتهادا بغير إذن شرعي.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
... وقال آخرون: ما كان محرما لكسبه؛ فإنما إثمه على الكاسب لا على مَن أخذه بطريق مباح مِن الكاسب، بخلاف ما كان محرَّماً لعينه
كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى مِن يهودي طعاماً لأهله - رواه البخاري (1954) ومسلم (
3007) -، وأكل مِن الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي - رواه أحمد (3/ 210) -.
ومِن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربَّما يقوِّي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تُصدِّق به
على بريرة " هو لها صدقة ولنا منها هدية " - رواه البخاري (1398) ومسلم (2764) -.
" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " (3/ 138، 139).
قال ابن رشد - الجد -:
وأما الميراث فلا يطيِّب المال الحرام، هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر، وقد روي عن بعض من تقدم أن الميراث يطيبه لوارثه وليس ذلك بصحيح.
" المقدمات الممهدات " (2/ 617).
قال شيخ الإسلام رحمه الله - وسئل عن مرابٍ خلَّف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أو لا؟ -:
أما القدْر الذي يعلم الولد أنه رباً: فيخرجه إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا يتصدق به، والباقي: لا يحرم عليه.
لكن القدر المشتبه: يستحب له تركه إذا لم يجب صرفه في قضاء ديْن أو نفقة عيال ...
" مجموع الفتاوى " (29/ 307).
والله أعلم
العامري
جزاك الله خيرا