تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّرَائِبُ عِظَامُ الصَّدْرِ مَا بَيْنَ التَّرْقُوَةِ إلَى الثَّنْدُوَةِ.

1/ 161:

فَصْلٌ:

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}

هَذَانِ مَثَلَانِ مُتَضَمِّنَانِ قِيَاسَيْنِ مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ، وَهُوَ نَفْيُ الْحُكْمِ لِنَفْيِ عِلَّتِهِ وَمُوجِبِهِ، فَإِنْ الْقِيَاسَ نَوْعَانِ:

قِيَاسُ طَرْدٍ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ لِثُبُوتِ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِيهِ.

وَقِيَاسُ عَكْسٍ يَقْتَضِي نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْفَرْعِ لِنَفْيِ عِلَّةِ الْحُكْمِ فِيهِ؛ فَالْمَثَلُ الْأَوَّلُ مَا ضَرَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ وَلِلْأَوْثَانِ، فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمَالِكُ لِكُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُ كَيْف يَشَاءُ عَلَى عَبِيدِهِ سِرًّا وَجَهْرًا وَلَيْلًا وَنَهَارًا يَمِينُهُ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةُ سَحَّاءَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالْأَوْثَانُ مَمْلُوكَةٌ عَاجِزَةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، فَكَيْف يَجْعَلُونَهَا شُرَكَاءَ لِي وَيَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِي مَعَ هَذَا التَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ وَالْفَرْقِ الْمُبِينِ؟

هَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ فِي الْخَيْرِ الَّذِي عِنْدَهُ ثُمَّ رَزَقَهُ مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ سِرًّا وَجَهْرًا، وَالْكَافِرُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ مَمْلُوكٍ عَاجِزٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ، فَهَلْ يَسْتَوِي الرَّجُلَانِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ؟

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشْبَهَ بِالْمُرَادِ، فَإِنَّهُ أَظْهَرُ فِي بُطْلَانِ الشِّرْكِ، وَأَوْضَحُ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ، وَأَعْظَمُ فِي إقَامَةِ الْحُجَّةِ، وَأَقْرَبُ نَسَبًا بِقَوْلِهِ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ثُمَّ قَالَ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} وَمِنْ لَوَازِمِ هَذَا الْمِثْلِ وَأَحْكَامِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ الْمُوَحِّدُ كَمِنْ رَزَقَهُ مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا، وَالْكَافِرُ الْمُشْرِكُ كَالْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، فَهَذَا مِمَّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمِثْلُ وَأَرْشِدْ إلَيْهِ، فَذَكَره ابْنُ عَبَّاسٍ مُنَبِّهًا عَلَى إرَادَتِهِ لَا أَنَّ الْآيَةَ اخْتَصَّتْ بِهِ، فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّك تَجِدْهُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ فِي فَهْمِ الْقُرْآنِ، فَيُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي لَا مَعْنَى لَهَا غَيْرُهُ فَيَحْكِيه قَوْلُهُ.

ـ[أبو عبد الله بن عبد الله]ــــــــ[27 - 06 - 07, 02:11 ص]ـ

بارك الله فيك شيخ عبد الرحمن ونفع بك

فوائد جميلة

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 06 - 07, 03:12 م]ـ

جزاك الله خيرا

1/ 189:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير