أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1

المشاركات: 430

من أكبر من العروض؟ من أكبر من الشعر العربي؟

الحمد لله رب العالمين
أيها الإخوة الكرام، إن العروض ميزان الشعر العربي، وإيقاع نظم العرب توالت ازمان وحقب حتى استوى تاما، فنزول القرآن الكريم على هؤلاء القوم المفتخرين بنظم الكلام وحسن التعبير ودقة التصوير وجمال البيان، فأفحمهم واظهر نقصانهم، وشنع عليهم تكذيب الرسالة، ونسب الشعر إلى النيى صلى الله عليه وسلم، وما نطق إلا بما علمه ربه صلى الله عليه وسلم من آيات بينات معجزات بليغات.
ولسنا في حاجة إلى ببيانت احتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر وتقريبه الشعراء من الصحابة رضوان الله عليهم.
ثم انطوى ذلك الزمان الرغيد وجاء التابعون وتابعوهم، وتوسعت علوم الشرع وفتح الله على العلماء ففسروا وشرحوا وجمعوا، وانبرت كل طائفة منهم لخدمة كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن العلوم التي تم الاعتناء بها، علم إيقاع الشعر العربي، فقد فتح الله على الخليل بن احمد الفراهيدي حينما استنبط علم العروض بعد أن استقرأ الشعر العربي ودرسة ومحّصه، ولم يكن غرضه اللهو، بل كان ذلك منه جدا، فقصد حفظ الشعر العربي وضبطه لغاية حفظ لغة العرب وبها يحفظ فهم القرآن الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستنباط الأحكام منهما.
فليس لقائل بعد هذا أن يقول أنا اكبر من العروض، وقد قالها أبو العتاهية فلم تقبل منه، لأن الخروج عن العروض حيد عن اوزان العربية ومثله الخروج عن قواعد اللغة وضوابطها، وهذا -في نظري- ليس سوى مكابرة، ورغبة عن الحق. قال ابن الوردي:
جمِّل المنطقَ بالنحوِ فمن ... يُحرم الإعرابَ بالنطقِ اختبل
رجع إلى لامية الطالب السوسي، فهي كما قال الإخوة خرجت عن العروض فانكسرت اوزانها، واندق إيقاعها فلا تساوي في ميزان الشعر الصرف شيئا،
هذا النص يستلهم لامية ابن الوردي، وهذه اللامية نظمت على وزن الرمل ووزن الرمل الأصلي: فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
وقد جاء عند ابن الوردي محذوفا، وهكذا استعمله الشعراء، ومطلع اللامية:
اعتزلْ ذكرَ الأغاني والغزل ... وقلِ الفصل وجانب من هزل
والحذف إسقاط السبب الأخير من التفعلة، أصله فاعلاتن فصار فاعلن.
اما هذا النص الذي جاء به الطالب السوسي، فليس على وزن الرمل والأصل أن المعارض لقصيدة يسير على وزنها، اما هنا فخلط بين الرمل والسريع ووزنه مستفعلن مستفعلن فاعلن، وعليه صدر البيت الحادي عشر أما عجزه فمن مجمع الأبحر!!!!؟؟؟ تفعلة من الكامل ثم من الطويل وعلى فرض وجود الشكل في الأولى والخبن في الثانية، فماذا نفعل بتفعلة الرجز المخبونة الباقية؟ والخلل العروضي أوضح من الإفاضة في بيانه.
وخلاصة القول أن النص ليس شعرا عربيا يحترم ضوابط الإيقاع ولكنه كلام منظوم، خارج قواعد العروض يعرف هذا كل من ينشد النص فلا يستقيم إنشاده، أو من يصبر ويقطع النص ويحاول إرجاعه إلى أصوله الإيقاعية.
هذا ما جرى به القلم، أستغفر الله من سوء القصد، وأعتذر لأخي الطالب السوسي، فليس القصد التنقيص ولا التشنيع ولكن بيان الحق، وقد أثارني ما دفعت به عن قصيدتك النقص، وهو مجاف للحق، وما قصد الإخوة إلا إرشادك للصواب وتنبيهك للخلل فأهدوا إليك -جزاهم الله- أخطاءك.
وأنا من سوس وأحب السوسيين ولكن الحق احب إلي منهم، ورحم الله الأستاذ امجد الطرابلسي الذي حضر ذات مرة مناقشة أطروحة لأحد أصدقائه، فبدأ كلمته في المناقشة، فقال مخاطبا الطالب المناقش-بالفتح- أنت صديقي، والحق صديقي. إلا أن الحق أحب إليّ منك.
فارجع إلى النص وقطعه، وراجع الشعر كما نصحك الإخوة بارك الله فيك واحفظ منه ما يكون لك سليقة تمنعك من الزلل
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
وعلى المحبة والسلام.