3 - عندما ذكر النظام في المصنفات المحمية (المصنفات التي تلقى شفوياً كالمحاضرات والخطب والمواعظ أسقط عمداً ما ورد في النص المقتبس منه من وصف المواعظ (بالدينية) فإسقاط وصف (الدينية) من عبارة (المواعظ الدينية) عمداً يدل على أن واضع النظام لم يستسغ أن تكون المواعظ الدينية مشمولة بالحماية،ـ وأن تكون محلاً لينصرف الواعظ فيها بالبيع أو تنازله لغيره عن سلطة احتكارها تجارياً أو على الأقل لم يستسغ النص أن تكون مشمولة بالحماية بالوجه الخاص.
4 - بما أن القانون الأعلى والحاكم على كل القوانين في المملكة العربية السعودية هو الشريعة الإسلامية فإنه يجب أن تفسر الأنظمة الصادرة فيها بما يتفق مع الشريعة الإسلامية (روحها ومقاصدها وقواعدها).
5 - من المؤلفات الشرعية مؤلفات ليس لها حق مالي أصلا وذلك بنص النظام فلا تسري عليها الحماية المقررة في النظام وذلك يشمل المؤلفات الداخلة ضمن المؤلفات المنصوص عليها في المادة السادسة من النظام حيث تنص على أنه (لا تشمل الحماية المقررة بمقتضى هذا النظام: 1 - الأنظمة والأحكام القضائية وقرارات الهيئات الإدارية والاتفاقات الدولية وسائر الوثائق الرسمية ... إلخ).
فبموجب هذا النص لا يكون حق مالي لأحكام الجهات القضائية، ولا قرارات هيئة كبار العلماء ولا فتاوى اللجنة الدائمة ولا فتاوى المفتين الرسميين سواء كانت في شكل إجابة عن استفتاء، أو إيضاحاً لمعان شرعية، فكل هذه المؤلفات ليس لها حق مالي ولا تشملها الحماية المقررة لحق المؤلف المالي القانوني أصلاً وليس لأحد حق أو سلطة امتياز أو احتكار عليها.
ومثل هذا الحكم تأخذ به أيضا القوانين الأخرى والاتفاقات الدولية، يقول السنهوري: (وهناك مصنفات يقوم بها موظفو الدولة بحكم وظائفهم كمشروعات القوانين وكالأحكام القضائية وكالتقارير الاقتصادية والمالية والعلمية والتعليمية والإحصاءات وما إلى ذلك من الوثائق الرسمية فهذه كلها تقع في الملك العام ولا يكون للدولة ولا لمن وضعوها ولا لأي أحد آخر حق المؤلف عليها، إذ يراد بهذه الوثائق أن تكون في يد كل فرد) (الوسيط: 8/ 303)، ويقول في موضع آخر (فهذه الوثائق هي حق سائغ للجميع إذ يراد بها أن تكون في متناول كل فرد) (الوسيط 8/ 303).
6 - ولكن ما شأن المؤلفات الشرعية التي لا تقع ضمن المصنفات المنصوص عليها في المادة السادسة من النظام أنه ليس لها حق مالي فهل لها حق مالي، وهل تسري عليها في ما يتعلق بهذا الحق الحماية المنصوص عليها في المادة الثالثة؟
للإجابة على السؤال لا بد من أخذ الأمور الآتية في الاعتبار:
أ- أن التوقيع عن الله ببيان الحلال والحرام وبذل العلم بالله والعلم بما يحب ويرضى وما يكره ويسخط، والدعوة إلى الله – وهي أحسن القول وسبيل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه – والجهاد باللسان والقلم هي مضمون التعريف الذي قدمناه لما نقصده بعبارة المؤلفات الشرعية، وهي من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه ويتعبد به، وأساس العبادة ولبها إخلاصها لله وتنزيهها عن شوائب الشرك بحظوظ النفس.
والأصل أن كل مسلم ينبغي أن يظن به الظن الحسن، وأن يفترض فيه مراعاته
لهذا الأمر العظيم وقصده إياه (قل الله أعبد مخلصاً له ديني).
ب- واجب كل مسلم الغيرة على قيم الإسلام التي تميز المسلم الذي يرجو لقاء الله ويرى الحياة الدنيا مجرد مرحلة للتزود للآخرة ومتاعها متاع الغرور ويكون أمله في الباقيات الصالحات، تميزه عن الكافر الذي يرى الحياة الدنيا هي الغاية والمنتهى، ومقتضى تلك الغيرة على قيم الإسلام الانتباه والتيقظ لما يمكن أن يقدح فيها أو يضعفها.
ولا حرب على القيم في أي مجتمع أشد وأنكي من أن تدب إليها مظاهر من السلوك وتتكرر من أفراد المجتمع حتى تصبح عادة ومعروفاً لا ينكر ولا يستنكر، وأسمى القيم في المجتمع المسلم شيوع روح الاحتساب وتوقي الشح والاستعداد للبذل لله وفي سبيله.
¥