9 - الطبقة التاسعة: أهلُ بيعةِ الرضوانِ في غزوةِ الحُدَيْبِيَةِ، وسُمِّيَتْ بيعةَ الرضوان لأن الله تعالى قال فيها: [لقد رضِيَ اللهُ عنِ المؤمنينَ إذْ يبايعونَكَ تحتَ الشَّجَرَةِ .. ]، فهذه بيعةُ الشجرة؛ بيعة الرضوان، لها فضلها العظيم، فجُعِل أهلها طبقة محايدة.
10 - الطبقة العاشرة: من هاجر بعد الحديبية. فبعد بيعة الرضوان والمعاهدةِ مع قريش في الحديبية هاجر أيضاً أناسٌ إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فجعلوا طبقة واحدة.
11 - الطبقة الحادية عشرة: مُسْلِمَةُ الفتحِ، وهم من أسلم عامَ الفتح، فهؤلاء طبقةٌ محايدة لأنهم أسلموا بعد أن وصل النبيُّ عليه الصلاة والسلام إلى مكةَ وفتحها.
12 - الطبقة الثانية عشرة: طبقةُ الصبيان والأطفالِ الذين رَأَوْا رسولِ الله عليه الصلاة والسلام يوم الفتح وفي حجة الوداع. فهؤلاء جعلوا طبقة واحدة أيضاً لتوافقهم على أنهم من الصبيان والأطفال.
* عدد الصحابة:
أما عدد الصحابة فكثير جداً، فقد أوصلهم بعضُ أهلِ العلمِ إلى مائةٍ وأربعةَ عشرَ ألفاً
* أكثر الصحابة رواية:
أكثر الصحابة رواية؛ أبو هريرةَ رضي الله عنه وقد ذكرنا السبب في ذلك، ثم تَلَتْهُ عائشةُ الصديقةُ بنتُ الصِّدِّيقِ، ثم أنس بن مالك، ثم ابن عباس ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم عبد الله بن عمر، ثم جابر بن عبد الله، ثم أبو سعيد الخدري، ثم ابن مسعود، ثم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين.
فهؤلاء أكثر الصحابة رواية عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
* آخرُ مَنْ ماتَ من الصحابة:
أما آخرُ من مات من الصحابة رضي الله عنهم فهو: عامرُ بنُ واثِلَةَ؛ أبو الطُّفِيْل. وقال بعضهم هو: أنس بن مالك، والصحيح أن آخرهم مطلقاً هو عامر بن واثلة.
وهناك من أهلِ العلمِ مَنْ يُفَصِّلُ حَسْبَ بُلدانِ الصحابة، فيقول مثلاً:
آخر من مات بمكةَ ابنُ عمرَ، وآخر من مات بالمدينة جابرٌ، وآخر من مات بالبصرة أنسٌ، وهكذا ..
وفي الجزم بذلك اختلاف بين أهل العلم.
* من صَنَّفَ في معرفة الصحابة:
إذا أردنا أن نعرف الصحابةَ ونَتَعَرَّفَ عليهم وإلى أسمائِهم وأخبارِهم وكيفيةِ دخولِهم في الإسلامِ، وعن شيءٍ مما رَوَوْا ونحوِ ذلك، فنستطيعُ أن نتعرفَ على كلِّ هذا وعلى أكثرَ منه من الكتب التي صُنِّفَتْ في معرفة الصحابة.
وممَّنْ صَنَّفَ في ذلك جماعةٌ من أهلِ العلمِ، منهم من أفْرَدَ ذلك في بابٍ مُسْتَقِلٍّ في كتابه، يعني: يكون قد صنف كتاباً فجعل له باباً للصحابة ولمعرفتهم، ومن هؤلاء:
_ الإمام الحافظ الحاكم صاحب كتاب (المستدرك على الصحيحين) فقد أفرد باباً خاصاً سماه (معرفة الصحابة)
وهناك من أفرد هذا النوع من العلم بكتبٍ خاصةٍ، وهؤلاءُ كثيرٌ، منهم:
- الإمامُ ابنُ قانعٍ، له كتاب يسمى (معجمُ الصحابة) وقد طُبع حديثاً.
- البَغَوِيُّ، له كتاب يسمى (معرفة الصحابة).
- ابن مِنْدَه، له كتاب يسمى (معرفة الصحابة) وكلاهما غير مطبوع.
- أبو نُعَيْمٍ، له كتاب أيضاً يسمى (معرفة الصحابة) وقد طبع كاملاً، وعندي عمل في تحقيقه آخر ولكن لم يكمل بعد.
- ابنُ حَجَرَ العسقلانيُّ، وكتابه يسمى (الإصابةُ في تمييز الصحابةِ) وهو من الكتب المشهورة في معرفة الصحابة، وهو مُتَداوَلٌ ومن أعظمِ الكتب في ذلك العلم
- ابنُ عبدِ البَرِّ، وكتابه يسمى (الاستيعابُ في معرفة الأصحاب) وهو أيضاً مشهور متداول.
- ابن الأثير، وكتابه يسمى (أُسْدُ الغابةِ في معرفة الصحابة)، وهو مطبوع.
- الذهبي، وكتابه يسمى (تجريدُ أسماءِ الصحابة) وهو كتابٌ مخْتَصَرٌ مطبوع أيضاً ولله الحمد.
* فائِدَةُ معرفةِ الصحابة:
نَخْتِمُ محاضرةَ اليومِ بفائدةٍ معرفةِ الصحابةِ، فنقول:
إنَّ فائدةَ معرفةِ الصحابةِ فائدةٌ عظيمةٌ لأنَّ بها يَتَمَيَّزُ الحديثُ المُتَّصِلُ من الحديثِ المُرْسَلِ. فنحن قلنا: الحديثُ يُرْوى بإسنادٍ من الشخصِ الذي يرويهِ من كتابه أو حفظه حتى يصلَ إلى النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد يسمى (متصلاً) إذا كان لا انقطاعَ فيه.
والانقطاعُ يحصلُ بطرقٍ عِدَّةٍ، ونحنُ الآن نتكلمُ عن مسألةٍ من مسائلِ الانقطاعِ وهي الإرسالُ، فنقول:
إذا لم نعرفِ الراوي عن رسولِ الله عليه الصلاة والسلام هل هو صحابي أو غير صحابي، فهذه نقطة تبين الانقطاع وغيره.
إذا كان الشخصُ صحابياً فهذا يعني أن هناك اتصالاً بين الراوي الأخيرِ وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن إن لم يكن صحابياً فهذا يعني الانقطاعَ أو الإرسالَ إذا كان الراوي تابعياً، يعني: إذا قال التابعيُّ: قال رسولُ الله عليه الصلاة والسلام سُمِّيَ هذا الحديثُ مرسلاً.
ولأجل هذا يحصلُ خلطٌ بين الأحاديث كما يقول الحافظ رحمه الله، فله كلمة مهمة بهذه المسألة إذ يقول: (ومن تَبَحَّرَ في معرفةِ الصحابةِ فهو حافظٌ كاملٌ) يقول: (فقد رأيتُ جماعةً من مشايخِنا يرْوُون الحديثَ المرسَلَ عن تابعيٍّ عن رسولِ الله عليه الصلاة والسلام يَتَوَهَّمونَه صحابياً، وربما رَوَوْا المسندَ عن صحابيٍّ فيتوهمونه تابعياً)
فهذا العلمُ هامٌ في معرفةِ اتِّصالِ الحديث، وهامٌّ أيضاً لمعرفةِ منازلِ الصحابة وفضلهم، لأنَّ دخولَ الشخصِ في فضلِ الصحابة أمرٌ ليس بالهَيِّنِ وإنما هو أمرٌ عظيمٌ، ولهذا لا بُدَّ من التَّحَرُّزِ والاهْتِمامِ بمعرفةِ الصحابة رضي الله عنهم.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه، وسوف نفرد كما ذكرنا إن شاء الله تعالى محاضرةً في فضلِ الصحابة رضي الله عنهم، والحمد لله رب العالمين.