ـ[مبارك]ــــــــ[05 - 06 - 04, 01:09 ص]ـ
قال العلامة الفقيه النحرير أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ـ حفظه الله ورعاه ـ في كتابه الماتع " ابن حزم خلال ألف عام " (4/ 120 ـ 122):
" وبنى أبو محمد إباحة نكاح الرجل لنكاح يده على مقدمتين:
1ـ أولاهما أن ذلك يتم بلمس الرجل لذكره.
2ـ أن يتعمد بذلك إنزال المني.
فالمقدمة الأولى مباحة بإجماع.
والمقدمة الثانية مباحة أيضاً، لأنه لم يزد على المباح في الأمر الأولى إلا تعمد إنزال المني، فليس ذلك حراماً أصلاً، وليس هذا مما فصل لنا تحريمه، فهو حلال، إلا أننا نكرهه لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل. (1)
قال أبو عبدالرحمن: لم يحسن أبو محمد هنا طرد أصول الظاهر لسببين:
أولها: أنه استصحب حال الإباحة في نكاح اليد، وهذا غلط منه، لأن الأصل في النكاح وفي الفروج التحريم إلا ما أباحه الشرع لقوله تعالى: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)
ولم يرد نص بإباحة نكاح اليد فالأصل التحريم.ولجلاء هذا أوضحه بأن استصحاب الحال على قسمين:
أ ـ استصحاب حال البراءة لقوله تعالى: " خلق لكم مافي الأرض جميعاً ".
ب ـ استصحاب حال الشرع.
ولا يؤخذ بحال البراءة إلا إذا لم يوجد حال للشرع تستصحب.
فلما ورد أن الأصل تحريم الفروج إلا ما أباحه الشرع سقطت حال البراءة، ولزمت حال الشرع.
وثانيهما: أنه حمل نكاح اليد على الكراهة، والكراهة عند أبي محمد إباحة إلا أن تارك المكروه يثاب ولا إثم على فاعله.
قال أبو عبدالرحمن: لو صح مذهب أبي محمد أن الأصل إباحة نكاح اليد لوجب عليه حمل ذلك على الإباحة لا على الكراهة، لأن في الحمل على الكراهة زيادة شرع وهو الأجر على الترك فلا يجوز ذلك بغير نص. أما تعليل أبي محمد الكراهة بأن ذلك ليس من فضائل الأخلاق فخروج عن الأصل، لأن فضائل الأخلاق عند أبي محمد لا تتقرر إلا بشرع، وما تقرر بالشرع أنه ليس فضيلة فهو رذيلة، فلا يكون مبني الحكم على أصل البراءة إذن " أ. ه.
قال مبارك: كون الأثر الذي اورده ابن حزم من طريق عبدالرزق غير موجود في " مصنفه " لا يستلزم من ذلك عدم نسبته إليه فلعله في " الأمالي " أو " المسند " أو غير ذلك من كتبه التي لم تصل إلينا أو لعله سقط من المطبوع. فنسبة الوهم إلى الإمام ابن حزم فيها نظر. نعم لو عين الكتاب وبعد الرجوع إليه لم نجده وزيادة في البحث والتحقق طالعنا المخطوط ولم نجده حينئذ نقول وهم الإمام ابن حزم وقد مر عليّ في المحلى أن ابن حزم رحمه الله ذكر حديث من طريق النسائي فتعقبه العلامة أحمد شاكر وخطئه في نسبته الحديث للنسائي. قلت وهو موجود في " السنن الكبرى " وليس " الصغرى ".
* رحم الله الإمام الأثري السلفي الشوكاني اليماني وأعلى مقامه في الجنة حال ما قدمه للإسلام وللمسلمين وما سطره يراعه من كتب رائدة في مختلف الفنون.
ـ[مبارك]ــــــــ[05 - 06 - 04, 07:02 م]ـ
وجه سؤال إلى الإمام الألباني حول حكم الاستمناء؟
فأجاب بقوله: لسنا نشك في تحريم هذه العادة. وذلك لسببين اثنين:
السبب الأول: قوله تعالى في وصفه للمؤمنين: " قد أفلح المؤمنون ..... " إلى قوله: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ماملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ".
وقد استدل الإمام الشافعي بهذه الآية على تحريم الاستمناء، ففي هذه الآية جعل الله للمؤمنين حقاً سبيلين اثنين لقضاء شهوتهم: إما التزوج بالحرائر، وإما التمتع بالإماء والجواري .. ثم قال: " فمن ابتغى وراء ذ1لك فأولئك هم العادون " أي: فمن ابتغى سبيلاً يروي به شهوته غير سبيل الزواج والتسري فهو عادٍ ظالم.
السبب الثاني: أنه ثبت طبياً أن عاقبة من يفعل ذلك عاقبة وخيمة، وأن في هذه العادة ضرر بالصحة، ولاسيما المدمنين لها صباح مساء، وقد قال عليه السلام " لا ضرر ولا ضرار " فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى شيئاً يضر بنفسه أو بغيره.
وثمة شيء لا بد من ذكره وهو أن هولاء الذي يمارسون هذه العادة يصدق فيهم قوله تعالى: " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير " (البقرة: 61)، فقد جاء عن النبي عليه السلام قوله: " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ".
* قال مبارك: وهذه المسألة من مسائل العلم التي تنازع السلف فيها، فلا ينبغي حينئذأن يفسد الخلاف للود قضية، بل كان سلفنا الصالح يختلفون ويتناظرون مناظرة مناصحة ومشاورة، مع بقاء الألفة والعصمة بينهم ز
فهذا الإمام الشافعي يناظره يونس الصدفي المتوفي سنة 264ه ـ يوماً في مسألة ثم يفترقان فيلقاه الشافعي ويأخذ بيده ويقول: (يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة).
قال الإمام الذهبي معلقاً على هذا الأثر: (قلت: هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام ـ يعني الشافعي ـ وفقه نفسه، فمازال النظراء يختلفون) [السير 10/ 16]
قال مبارك: فالطعن في العلماء أمر بالغ الخطورة ومخالف لهدي الإسلام، قال الإمام الحافظ ابن عساكر الدمشقي ـ رحمه الله ـ:
" واعلم ياأخي وفقنا وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته: أن لحوم العلماء ـ رحمة الله عليهم ـ مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براءٌ أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم والاختلاف على من اختاره الله منهم لنشر العلم خلق ذميم " أ. ه.
قلت: فينبغي على طلبة العلم التأدب مع الكبار وتعظيمهم وإجلالهم والترحم عليهم، فإن مما يؤسف له أن بعض طلبة العلم يجرىء الناس على القدح في أولي العلم بما يقذفه من أقوال لا يظنها تبلغ ما تبلغ فيقول: فلان لا يُعتدُّ بتصحيحه، وفلانٌ لا يقبل رأيه، وقد يكون قول هذا المعترض حقاً ولكنه يجب ألاَّ يقوله عند العامة، وصغار طلبة العلم الذين لا يَزِنُونَ الأقوال ولا يحسبون لها حساباً؛ بل يأخذون تلك الكلمة فيجترئون ـ تحت ظل نحن رجالٌ وهم رجال ـ على العلماء ثم على الأئمة وهكذا فالشر مبدأه شرارة.
¥