تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال آخرون: ذلك ما بين آدم ونوح.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن أبيه، عن الحكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال: وكان بين آدم ونوح ثمان مئة سنة، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء، ورجالهم حسان، فكانت المرأة تريد الرجل على نفسه، فأنزلت هذه الآية ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.

وقال آخرون: بل ذلك بين نوح وإدريس.

ذكر من قال ذلك:

حدثني ابن زهير، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا داود، يعني ابن أبي الفرات، قال: ثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: تلا هذه الآية ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال: كان فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل، وكان رجل الجبل صباحاً، وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحاً، وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فأجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتخذ إبليس شيئاً مثل ذلك الذي يزمر فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع مثله، فبلغ ذلك من حولهم، فانتابهم يسمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج الرجال للنساء، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن، فنزلوا معهن، فظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى نساء النبي أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وجائز أن يكون ذلك ما بين آدم وعيسى، فيكون معنى ذلك: ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى التي قبل الإسلام.

فإن قال قائل: أو في الإسلام جاهلية حتى يقال عنى بقوله الجاهلية الأولى التي قبل الإسلام؟ قيل: فيه أخلاق من أخلاق الجاهلية.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال: يقول: التي كانت قبل الإسلام، قال: وفي الإسلام جاهلية؟ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء، وقال لرجل وهو ينازعه: يا ابن فلانة، لأن كان يعيره بها في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الدرداء إن فيك جاهليةً، قال: أجاهلية كفر أو إسلام؟ قال: بل جاهلية كفر، قال: فتمنيت أن لو كنت ابتدأت إسلامي يومئذ، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يدعهن الناس: الطعن بالأنساب، والاستمطار بالكواكب، والنياحة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال: أخبرني سليمان بن بلال، عن ثور، عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب، قال له: أرأيت قول الله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى هل كانت إلا واحدة فقال ابن عباس: وهل كانت من أولى إلا ولها آخرة؟ فقال عمر: لله درك يا ابن عباس، كيف قلت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، هل كانت من أولى إلا ولها آخرة؟ قال: فأت بتصديق ما تقول من كتاب الله، قال: نعم (وجاهدوا في الله حق جهاده) (الحج: 78) كما جاهدتم أول مرة، قال عمر: فمن أمر بالجهاد؟ قال: قبيلتان من قريش: مخزوم، وبنو عبد شمس، فقال عمر: صدقت.

وجائز أن يكون ذلك ما بين آدم ونوح، وجائز أن يكون ما بين إدريس ونوح، فتكون الجاهلية الآخرة، ما بين عيسى ومحمد، وإذا كان ذلك مما يحتمله ظاهر التزيل. فالصواب أن يقال في ذلك، كما قال الله: إنه نهى عن تبرج الجاهلية

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير