تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - الفتاوى: بلغ مجموع الفتاوى العقدية المثبتة في مجموع فتاواه أكثر من خمسمائة فتوى [17] في العديد من المسائل الإيمانية، والنوازل المعاصرة، تميزت بالدقة والإحكام والمتانة العلمية، وكان رحمه الله يفتي الناس في الجامع والطريق، وعبر الهاتف، وخلف المذياع في برنامج نور على الدرب، وفي المسجد الحرام، ويحرر بعض الفتاوى للصحف والمجلات والتلفاز، ولسائر المسلمين في داخل المملكة وخارجها، مما لا يحصيه إلا الله؛ ولا ريب أنها أثرت تأثيراً بالغاً في تصحيح عقائد الناس، وتحذيرهم من المخالفات العقدية.

6 - الرسائل الشخصية: من الجهود الخفية، والمساعي الحميدة النقية التي تنم عن إخلاصه رحمه الله وحرصه على صلاح الأمة ما كان يحرره من المكاتبات لذوي الهيئات والمقامات العلمية، والمنسوبين إلى العلم والدعوة إذا بدر منهم ما يخالف الحق، لا سيما في باب الاعتقاد؛ فهو لا ينصب لهم المناظرات على صفحات الجرائد والمجلات، بل يكاتبهم سراً، ويمحضهم النصيحة، ويجتهد في بيان الحق لهم، ويرغبهم في قبوله وإعلان الرجوع إليه.

بل حين اقتضى الأمر نشر بعض تلك المراسلات الخاصة، لما فيها من العلم والحجة، رفع ذكر الأسماء وما يدل على الذوات، واكتفى بالمضمون [18].

ثانياً: منهجه في تقرير العقيدة: إن المتأمل في جهود الشيخ رحمه الله المتنوعة في بيان العقيدة وتوضيحها لَيستخلص جملة من السمات المنهجية المطردة التزمها الشيخ وسار عليها في جميع تقريراته، وهي سمات سلفية لا يختص بها رحمه الله بل هو متبع لطريقة السلف المتقدمين، ولكن اجتمع عنده ما تفرق في غيره، فمنها: 1 - تعظيم شأن التوحيد: فهو يلهج دوماً في تقريراته المسموعة والمكتوبة بأهمية تحرير أمر الاعتقاد، والبداءة به، وتعظيمه وتفخيمه؛ إذ هو الأساس والأصل، والأعمال بناء وفرع.

ومن شواهد ذلك قوله: «إن (علم التوحيد) أشرف العلوم، وأجلها قدراً، وأوجبها مطلباً؛ لأنه العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته وحقوقه على عباده، ولأنه مفتاح الطريق إلى الله تعالى وأساس شرائعه، ولذا أجمعت الرسل على الدعوة إليه، قال الله تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء: 25).

وشهد لنفسه تعالى بالوحدانية، وشهد له بها ملائكته، وأهل العلم، قال الله تعالى: [شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] (آل عمران: 18).

ولما كان هذا شأن التوحيد كان لزاماً على كل مسلم أن يعتني به تعلماً، وتدبراً، واعتقاداً ليبني دينه على أساس سليم واطمئنان وتسليم، يسعد بثمراته ونتائجه» [19].

ولهذا كان ينعى على «أهل التفويض» طريقتهم الفاسدة، ويسميهم «أهل التجهيل» لما يفضي إليه مذهبهم من الجهل بأعظم ما أدركته العقول، والحرمان من أشرف ما اكتسبته القلوب، وهو العلم بالله بمقتضى ما دلت عليه نصوص الوحيين من معاني الأسماء والصفات.

يقول رحمه الله: «من المحال أن يُنزل الله تعالى كتاباً، أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلامٍ، يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق، ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة مجهول المعنى، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها شيء؛ لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى وقد قال تعالى: [الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ] (هود: 1)، وبهذا علم بطلان «مذهب المفوضة» الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات، ويدَّعون أن هذا مذهب السلف.

والسلف بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً، وتفصيلاً أحياناً، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله عز وجل» [20].

ولا ريب أن مذهب المفوضة يؤدي إلى توهين شأن التوحيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير