أرشيف ملتقى أهل الحديث - 1

لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وقرأ خطبة الحاجة التي تفتح بها الخطب والكلمات والمناسبات وهي التي قرأتها في بداية هذه الخطبة، ولكن نظرا لكثرة ما نسمعها صرنا نعتقد أنها شيئاً روتينياً لا ينتبه إليه, إنما ننتظر ما يأتي بعد, مع أنها من أفضل الذكر وأعظمه. مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ».قال: فَقَالَ: أَعِدْ عَلَىَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلاَءِ. فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَلاَثَ مَرَّاتٍ – قَال: َ فَقَال: َ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ وَقَوْلَ السَّحَرَةِ وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلاَءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرأيِ: لجة البحر ووسطه أو قعره الأقصى - قَالَ - فَقَالَ هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الإِسْلاَمِ - قَالَ - فَبَايَعَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «وَعَلَى قَوْمِكَ». قَالَ وَعَلَى قَوْمِى - قَالَ - فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلاَءِ شَيْئًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً. -أي إناءً يتطهر به- فَقَالَ رُدُّوهَا فَإِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمُ ضِمَادٍ.: فهذه الكلمة التي تفتتح بها المحاضرات والكلمات والخطب, هي أيضاً يجب أن نقف عندها قليلاً، وبالذات عند قوله صلى الله عليه وسلم: {ونعوذ بالله من شرور أنفسنا] ففي النفس شر, وقابلية للشر, وقابلية للوسواس والكيد, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أم المومنين صفية رضي الله عنها {إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم].فشرور النفس هذه هي التي تقصد بالتزكية، وهي أن يعمل الإنسان على دفع هذه الشرور ودرئها وإبعادها ما استطاع، عن طريق الوسائل الشرعية، من عبادة وطلب علم وغير ذلك. وأول وأعظم وسيلة لتزكية النفس، وإبعاد هذه الشرور عنها, هي: أن يكون الإنسان حريصاً على إضمار النية الصالحة. فالنية كما يقول بعض العلماء مثل الإكسير, الذي يوضع على الأشياء العادية، فيحولها إلى عبادات يؤجر عليها الإنسان, وإذا خلت منها العبادات والأعمال الصالحة، تحول إلى أعمال مردودة يعاقب عليها الإنسان, ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الْخَيْلُ لثلاثة] فالنبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن الخيل، وربط الخيل، ومن تكون الخيل له أجراً، ومن تكون له وزراً، فيبين أن مدار ذلك كله على النية فقال: هِىَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِىَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ وَهِىَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ فَأَمَّا الَّتِى هِىَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً أي عداء عَلَى أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهِىَ لَهُ وِزْرٌ وَأَمَّا الَّتِى هِىَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِى ظُهُورِهَا وَلاَ رِقَابِهَا فَهِىَ لَهُ سِتْرٌ وَأَمَّا الَّتِى هِىَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فِى مَرْجٍ أي موضع كلأ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ وَكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٌ وَلاَ تَقْطَعُ طِوَلَهَا-أي: هذا الحبل الذي ربطت فيه- فَاسْتَنَّتْ أي عدت في مرجها لتوفر نشاطها شَرَفًاأي شوطا أَوْ شَرَفَيْنِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ وَلاَ مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ. فهنا نرى أن العمل الواحد يثاب عليه شخص ويعاقب عليه آخر، ويكون بالنسبة للثالث لا خير ولا شر، لا ثواب ولا عقاب, وأعمال

¥