تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو العلاء]ــــــــ[11 - 02 - 04, 06:37 ص]ـ

شرح الحديث الرابع:

يقول الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

2 - باب قول النبي r : (( سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا))

وقال عبد الله بن زيد ((قال النبي r : اصبروا حتى تَلقَوني على الحوض))

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَال قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ.

الشرح:

يقول الإمام البخاري رحمه الله تعالى: (باب قول النبي r ) يعني للأنصار (سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا) النبي عليه الصلاة والسلام قال للأنصار: " سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً " لأن أمر الولاية ليس لهم؛ بل الأئمة من قريش، والغالب أنَّ من ليست بيده الولاية تقع عليه الأثَرَة؛ يؤثر عليه غيرُه، ولذا قال لهم عليه الصلاة والسلام ((سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا)) وقال عبد الله بن زيد بن عاصم قال النبي r للأنصار: " اصبروا على ما تلقون – يعني على ما تلقون بعدي من الأثَرَة - حتى تَلقَوني على الحوض ".

يقول الإمام البخاري رحمه الله تعالى (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) وهو ابن مُسَرهَد السدوسي الإمام المعروف، ذكر بعضهم وقد لا يصح بالصيغة المجتمعة المذكورة: مُسدد بن مُسرهد بن مُسربل بن مُغربل بن أرندل بن سرندل بن عرندل، ذُكرت في ترجمته؛ لكن بهذا التركيب بهذه الصيغة يستنكرها كثير من أهل العلم.

(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الإمام القطَّان المعروف.

(حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ) سليمان بن مِهران.

(حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ) الجُهني، قال (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ) يعني ابن مسعود.

قوله (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً) أو (أُثْرَة) ابن مسعود يقول: قال لنا رسول الله r ، ابن مسعود من الأنصار أم من المهاجرين؟ الخطاب الأول موجَّه للأنصار كما جاءت بذلك الروايات، وكونُه يُخص الأنصار بالذكر لأنه ليس لهم من الأمر شيء؛ ليس لهم من الولاية شيء، فَهُم مظِنَّة لأِن يجدوا أثَرَة، وابن مسعود ومَنْ في حكمه وإن كان من غير الأنصار إلا أنه لِبُعده عن التطلُّع عن هذه الأمور لابد أن يقع عليه شيءٌ من الأثَرَة، لأنه لا يستشرف لمثل هذه الأمور ولا يُتصور أنه يلي أمر من أمور المسلمين لانصرافه عن الدنيا وعن زهرتها وعن حظوظها إلى الآخرة.

قوله (سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً) سترون ممَّن يلي الأمر من ولاة وأمراء (بَعْدِي أَثَرَةً) يعني استئثار واختصاص بالحظوظ الدنيوية فيؤثرون بها غيرَكُم من أقاربهم ومعارفهم، فعلى الإنسان الذي يُحِسّ ويشعر بأنَّ غيرهُ أُثر عليه أن يؤثر نفسه بما يُرضي الله عزَّ وجل، فإذا انصرف الناس وتعلَّقوا واستشرفوا إلى أمور الدنيا فعلى طالب العلم على وجه الخصوص أن يكون نظَرُه إلى الآخرة، ومع ذلكم كما قال الله جلَّ وعلا (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا).

(إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً) الضبط الآخر (أُثْرَة) (وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا) يعني من أمور الدين؛ سوف تجدون تغيُّر، ولا زال التغيُّر يزداد؛ وكل زمان يزداد السوء بالنسبة لما قبله (لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شرٌ منه).

قوله (قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ) يعني: أن نفعل، ماذا نفعل إذا وجدنا مثل هذا التغيُّر من ولاة الأمر من أمراء وأعوان، ماذا نفعل؟ يعني هل نُقاومهم؟ هل نرضى بالأَثَرَة؟ قال عليه الصلاة والسلام (أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ) يعني: مما يجب لهم من السمع والطاعة؛ وأدُّوا إليهم الزكاة وجاهدوا معهم وصلُّوا ورائهم (قَالَ أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ) يعني: ما يحصل فيه التقصير سلوا الله عزَّ وجل، فلا يجوز للإنسان أن تكون هِمَتُهُ الدنيا إنْ أُعطي منها رضي وإنْ لم يُعطَ منها لم يرضَ؛ إنْ أُعطي من أمور الدنيا وفَّى وإنْ لم يُعطَ من أمور الدنيا لم يفي، ليكُن همُّه الآخرة وما يأتيه من أمور الدنيا مما يُعينُه عليها من غير استشراف يأخذ، كما جاء في حديث أبي ذر عند مسلم؛ الذي يأتي المسلم من غير استشراف ولا يغلب على ظنِّه أنه يُراد له مُقابل يأخُذه، إنْ تورَّع عنه فالورع له باب؛ لكن إنْ أخذ لا بأس، إنْ جاءه من غير طلب ولا استشراف يقول أبو ذر " فإن كان ثمناًَ لدينك فلا ".

النبي عليه الصلاة والسلام لمَّا أخبرهم أنه سيكون هناك أُثْرَة وأَثَرَة وتقديم وتأخير وزيادة ونقص وإبعاد وتقريب؛ هذا موجود عل مدى العصور؛ من بعد الخلفاء الراشدين ظهر هذا الأمر، وكل سنة يزداد الأمر، طيِّب ماذا نفعل يا رسول الله إذا حصل هذا؟ يعني: مقتضاه أنَّ هذا منكر والمنكر يجب تغييره، فهل يُغيِّر؟ قال: لا (أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ) ولا يمنع هذا من النُصح، فالنصيحة هي الدين كما جاء في حديث تميم (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم) فلا يعني أنَّ الإنسان يقف وهو ممَّن آتاه الله القدرة على النُصح والقدرة على التأثير والبيان أن ينصح ولاة الأمر بالرفق واللين؛ بالأسلوب المُجدي المناسب النافع الذي يُحقِّق المصلحة دون ترتُّب أي مفسدة (أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير