تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأسند إليه أيضا قوله: "أخذ إسحاق بن راهويه كتاب التاريخ الذي صنفت، فأدخله على عبد الله بن طاهر فقال: أيها الأمير، ألا أريك سحرا؟ قال: فنظر فيه عبد الله بن طاهر فتعجب منه وقال: لست أفهم تصنيفه" () وهذا ليس كبيرا على كتاب البخاري إذا استحضرنا ما فيه من علوم وأسانيد وتذكرنا العصر الذي كتب فيه. وليس بكثير على مثل الإمام البخاري الذي يقول فيه تلميذه الإمام الترمذي:

"لم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل البخاري" ()

ومن تتبعي لكثير من رجال (التاريخ) يمكنني أن أعطي صورة موجزة عن منهج البخاري في تاريخه تتلخص في النقاط التالية:

1_ لقد رتب الإمام البخاري تاريخه على حروف المعجم (أ، ب، ت، ث) كما رتب هؤلاء على أسماء آبائهم مرتبين على الترتيب الأبجدي -كما قال في مقدمة كتابه - إلا أنه قدم من اسمه (محمد) على سائر الأسماء لشرف هذا الاسم الكريم.

2_ ابتدأ بذكر ترجمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه إلى آدم عليه السلام بعد أن قدم لذلك بمقدمة بين فيها فضل قريش على الناس. وذكر شيئا من صفاته صلى الله عليه وسلم، ومدة بعثته وذكر كيف بدأ التاريخ الهجري في عهد عمر بن الخطاب ثم ذكر تاريخ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

3_ وخطته: أنه يذكر أسماء الصحابة ثم التابعين ثم من بعدهم في كل حرف من الحروف.

4_ وتراجم البخاري لرجاله تتراوح بين الطول والقصر فبينا نجده يترجم لأحد الرجال بسطر واحد كما في ترجمته لمحمد بن عبد الله بن أسيد () ومحمد بن عبد الرحمن بن فورة، ومحمد بن عمرو اليافعي وغيرهم، إذا به يترجم لعبد الرحمن بن عبد الله بن مالك الأنصاري () بأكثر من عشر صفحات.

5_ غالب تراجم البخاري يذكر فيها (اسم الراوي واسم أبيه وجده وكنيته ونسبته إلى القبيلة أو البلدة أو كليهما، وقلما يطيل في الأنساب، ويذكر بعض شيوخ وتلاميذ صاحب الترجمة، وقد يذكر جميع الشيوخ والتلاميذ إذا كان الراوي من المقلين وغير المعروفين بطلب العلم ليتميز حاله. كما يذكر نموذجا من رواياته أو أكثر () ( .. ولا يقدم البخاري معلومات وافية عن أحوال الراوي، وإن ذكر أحيانا الصفات الجسمية والخلقية والعقلية للرواة ... ) ().

6_ ويستعمل البخاري ألفاظ الجرح والتعديل، ويلاحظ تورعه عن استعمال ألفاظ حادة في الجرح، فغالبا ما يقول: فيه نظر، يخالف في بعض حديثه، وأشد ما يقول: منكر الحديث. وكذلك لا يبالغ في ألفاظ التوثيق، بل يكتفي بقول: ثقة، أو حسن الحديث، أو يسكت عن الرجل () 5.

7_ وقد يسكت البخاري عن الراوي وما أكثر ما يسكت:

_ فقد يسكت عن أئمة الثقات حيث ترجم للإمام الشافعي () 1 بسطرين وسكت عليه كما سكت عن الإمام () أحمد بن حنبل، وأحمد بن أشكاب وأحمد بن منيع وغيرهم.

2_ وقد يسكت عن أناس مشهورين بالضعف أو النكارة كسكوته عن محمد بن أشعث بن قيس الكندي ()، ومحمد بن إبراهيم اليشكري وغيرهما.

3_ وقد يسكت عن أناس مجاهيل كسكوته عن: محمد بن إسماعيل الباهلي () ومحمد بن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي (). وإبراهيم بن إسحاق () عن الوليد بن أبي الوليد، وإبراهيم بن إسحاق عن طلحة بن كيسان وغيرهم.

4_ وقد يسكت البخاري عن أناس لم يعرفهم، حتى إنه لم يفرق بين أسمائهم، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

1_ ترجم البخاري () لمحمد بن قيس الأسدي الكوفي، وذكر عنه عدة طرق ثم قال: وقال يحي بن آدم: حدثنا أبو بكر النهشلي عن محمد بن قيس عن حبيب عن أبي ثابت عن طاووس في العتق. ثم قال: فلا أدري هو الأسدي أم لا؟.

2_ وترجم لمحمد () بن قيس عن أبي الحكم البجلي ثم ترجم لمحمد بن قيس المكي وختم ترجمته بقوله: "فلا أدري أهو الأول أم لا".

3_ وترجم لمحمد () بن كليب بن جابر المديني يروي عن محمود ومحمد ابني جابر. ثم قال: "وعن موسى بن شيبة عن محمود بن كليب عن محمد بن جابر عن جابر .... ثم قال: فلا أدري: هذا أخوه أم لا؟ ".

4_ وترجم لإبراهيم بن حنظلة عن أبيه روى عنه ابن المبارك. ثم قال في نهاية ترجمته "إن لم يكن يعني إبراهيم بن حنظلة غبن أبي سفيان فلا أدري من هو؟ ".

5_ وترجم لإسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي ثم ترجم لإسماعيل بن إبراهيم بن أبي ربيعة. وختم ترجمته بقوله: "إن لم يكن هذا الأول فلا أدري؟ ".

فيتضح من الأمثلة وأمثالها أن في التاريخ الكبير رجالا لم يتيقن البخاري حالهم، بل هو أحيانا غير متأكد من أعيانهم. وهذا يفسر قوله الذي أوردناه في صدر هذا البحث "قلّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة".

فهناك أسماء ليس لها قصص عند البخاري. فلا يمنع أن تكون القصة عنده دلالة على المعرفة.

الحواشي:

() هو شيخ الإسلام وإمام الحفاظ محمد بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي_مولاهم_ البخاري صاحب الصحيح والتواريخ الثلاثة، والأدب المفرد، وخلق أفعال العباد وغير ذلك، وشهرته بكتابه (الجامع الصحيح) وهو أصح كتب السنة على الإطلاق، ولد البخاري عام أربعة وتسعين ومائة وتوفى سنة ست وخمسين ومائتين رحمه الله تعالى. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 556 وطبقات الحفاظ للسيوطي 248

() تاريخ بغداد 2/ 7.

() تاريخ بغداد 2/ 7.

() ما سبق 2/ 27.

() انظر التاريخ الكبير 1/ 136, 160، 194 ..

() انظر ترجمته في التاريخ الكبير 5/ 303 - 314 وقد دلنا على هذه الترجمة الدكتور العمري فجزاه الله خيرا

() هذا إذا ذكر للراوي روايات ولكنه كثيرا ما يهمل هذه الناحية.

() بحوث في تاريخ السنة المشرفة للدكتور العمري ص10.

() ما سبق: 110.

() التاريخ الكبير 1/ 42.

() التاريخ 2/ 4 - 7.

() التاريخ 1/ 22 - 26.

() التاريخ 1/ 23.

() التاريخ 1/ 26 - 27.

() ما سبق 2/ 273.

() التاريخ الكبير 1/ 210.

() ما سبق 1/ 213 - 214.

() ما سبق 1/ 219.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير