تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ضعف الحديث غير ابن تيمية مثل ابن كثير (الذي نقل تضعيفه عن أبي حنيفة)؟

وفيما نجد هذا الهجوم من جانب ابن حجر على شيخ الإسلام، نجد الثناء العطر على ذلك الرافضي الخبيث الذي لم يكد يترك صحابياً إلا ونال منه وطعن فيه. فيقول ابن حجر في لسان الميزان (2\ 317): «الحسين بن يوسف بن المطهر الحلي: عالم الشيعة وإمامهم ومصنفهم. وكان آية في الذكاء (!!) شرح مختصر بن الحاجب شرحاَ جيّداً سهل المآخذ، غايةً في الإيضاح. واشتهرت تصانيفه في حياته. وهو الذي رد عليه الشيخ تقي الدين بن تيمية في كتابه المعروف بالرد على الرافضي (قلت: إسم الكتاب هو منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية). وكان ابن المطهر، مشتهر الذكر وحسن الأخلاق (!!!) ولما بلغه بعض كتاب ابن تيمية قال: "لو كان يفهم ما أقول، أجبته"».

فما فعله ابن حجر بأن يذكر الرجل الزنديق المعادي للإسلام فيثني عليه ويقول عنه «مشتهر الذكر وحسن الأخلاق» (متناسياً إفحاشه في سب الصحابة) وأنه «آية في الذكاء» (رغم الحماقات التي وقع بها ورغم إغراقه في نصرة الخرافات المضحكة)، ثم يذكر رده على ابن تيمية. فهذا شيء سيء للغاية. خاصة أنه في ترجمة ابن تيمية لم يُفوّت الفرصة على نفسه للنيل من شيخ الإسلام. فلم لم يطعن بالرافضي هنا؟ ثم أين الأمثلة التي فيها أن شيخ الإسلام تنقص فيها علياً؟ {قُلْ هاتوا بُرهانكُمْ إِنْ كُنتُمْ صادقينَ}.

فالحافظ رحمه الله لم يذكر في الرافضي الخبيث إلا الثناء العاطر دون أن يرد عليه، وذَكَر كتابه ولم يذكر ما ورد فيه من الطعن في الصحابة. فما حاجه لذلك؟ وهل هذا من الإنصاف في التراجم؟ إذ يذكرني بإسلوب الرازي الذي كان يسرد حجج الزنادقة ويطيل في بيان حججهم المقوية لبدعهم، ثم لا يرد عليهم إلا برد باهت. بينما طريقة الأئمة المؤرخين كالحافظ الذهبي -وهو من أفضل من كتب في علم الرجال- هي أنه عندما يترجم للرجل، يذكر ما فيه من مدح وذم، ولا يذكر فقط المدح ويترك الذم، خاصة مع مبتدع خبيث ما ترك شبهة للرافضة إلا ونصرها وقوّاها. ورغم أن الذهبي قد يحاول الاعتذار أحياناً لبعض أهل البدع، فهو لم يحابِ الرافضة أبداً. وانظر ما قال في ترجمة عمران بن مسلم الفزاري في الميزان (5\ 294).

وليس ثناء ابن حجر على إبن المطهر الرافضي وحده، بل تجده لكثيرٍ من غلاة الرافضة وخبثائهم، مع تصريحه بأنه اطلع على تراجمهم في كتب الشيعة. فأين ميزان العدل يا ابن حجر؟ على أن هذا البحث لا يقصد به الطعن في الأشخاص أو القدح في العلم أو إسقاط المكانة العلمية. وحاشا لله أن يقوم أحد بذلك. وموقف الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من الرافضة -عامة- أظنه واضحاً في تسفيه مذهبهم. والذي يظهر هو تعاطف مع الشيعة وليس ميلاً للرفض منه، وبين الأمرين بونٌ واسع. ولو قال باحث ما إنه عثر على تساهله مع بعضهم، فهذا ليس بأشد من تعاطف الحافظ الكامل مع غلاة الأشاعرة وأخص الذين يذهبون في اعتقادهم إلى ضرب من التجهم والاعتزال. ومع ذلك فابن حجر إمامٌ في العلم والتُّقى والورع، فلا يؤثر هذا في مكانته العالية عندنا.

وعند المقارنة بين كتابي الميزان للإمام الذهبي وابن حجر، يبدو الفرق شاسعاً بين الكتابين. فقد أضاف ابن حجر ذماً لبعض تراجم الأحناف، وحذف كثيراً من الذم من تراجم الشيعة. وقد عرف الرافضة مقدار تقدير ابن حجر لهم مقارنة مع الذهبي. فقال الرافضي المدعو محمد رضا الحسيني الجلالي في كتابه "إيقاظُ الوَسْنان بالملاحظات على فتح المنّان في مقدّمة لسان الميزان":

«إنّ علم الجرح والتعديل من المعارف الإسلاميّة المهمّة التي يبتني عليها المهمّ من أمر إحراز السنّة الشريفة، والاستيثاق منها، والتأكُّد من سلامة طرقها ووسائل إثباتها، وهي الأسانيد الحاوية لأسماء الرواة. وقد بذل علماء الاُمّة الإسلاميّة المجيدة قُصارى جهودهم في تحقيق هذا العلم. فحدّدوا معالمه، ونقّحوا مسائله، وألّفوها في كُتبٍ جامعة. ومن أشهر مؤلّفات «الجرح» هو كتاب «لسان الميزان» الذي ألّفه الحافظ، شيخ الإسلام، ابن حَجَر العسقلاني (ت 852) مُعقّباً ما أورده الذهبيّ التركماني (ت 748) في كتابه «ميزان الاعتدال». وبما أنّ الذهبي معروف بحنبليّته، فلذلك قد أبدى في كتابه كثيراً من التعصُّب، وخلّط في كثير من المواضع، وبالأخصّ عندما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير