ولهذا الإمام تعرض واسع لأبوابٍ من علوم الحديث، في كتابين له، هما: ((الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع)، ومقدمة كتابه (إكمال المعلم بفوائد مسلم، للمازري).
إلا أن كتابه الأول (الإلماع) كتاب مختص: بأصول الرواية (طرق التحمل وحجيتها)، وتقييد السماع (كألفاظ الأداء)، وما يتعلق بذلك، وبعض الآداب وما شابهها. فليس في الكتاب اهتمام بالمصطلحات الحديثية لأقسام الحديث، التي هي مدار حديثنا. لذلك فلن أتكلم عن (الإلماع)، بغير هذا الذي ذكرته به، وإن كان حقيقاً بغير ذلك في غير هذا الموضع!
أما كتابه الآخر: فهو شرح لمقدمة الإمام مسلم لصحيحه، وحيث تعرض الإمام مسلم في مقدمته لصحيحه لبعض القضايا المهمة في علوم الحديث، تناولها القاضي عياض بالشرح.
والقاضي عياض فقيه أصولي بالدرجة الأولى، لذلك فقد حشى كتابه (إكمال المعلم) بالنقل عن الفقهاء والأصوليين والمتكلمين، حتى غلب النقل عن المحدثين (3)!
بل بلغ تعمق ا لا ثر ا لا صولي عند القاضي عيا ض الى درجة فهم كلام ا لا ما م مسلم على اصطلاحات ا لا صوليين و ا حكا مهم!
فعندما قال ا لا ما م مسلم في مقدمة صحيحة: ((وذلك ا ن القول الشائع المتفق علية بين ا هل العلم بالا خبا ر و الروايات قديما و حديثا: ا ن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا، وجائز وممكن له لقاؤه و السماع منه، لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وان لم يا ت قط انهما اجتمعا و لا تشافها بكلام= فالرواية ثابتة،
والحجة بها لا زمة000 (ثم قال ا لا ما م مسلم:) ا ن خبر الواحد الثقة عن
الواحد حجة يلزم العمل به)) (1).
فقال القاضي عيا ض: ((هذا الذي قاله هو مذهب جمهور المسلمين من
السلف و الفقهاء و المحدثين و ا لا صوليين000)) (2).
ثم بين قو لهم، فاذا به: ا ن خبر الواحد (يفيد الظن الموجب العمل دون العلم).
فحمل القاضي عيا ض ا ن قول مسلم ((حجة يلزم العمل به)). انه يقول بافادة
خبر الواحد للظن ا لموجب للعمل دون العلم!!
و لاـ والله- تلفظ مسلم بذلك المعنى، و لا احسبه خطر له على بال!!
ثم بعد القاضي عيا ض، كتب قاضي الحرمين الحافظ ا بو حفص ا لميانشي (3) (عمر بن عبد المجيد بن عمر القرشي، نزيل مكة، المتوفى سنة 583هـ) رسالته الصغيرة المسماة بـ (ما لا يسع المحدث بجله).
وهي رسالة مختصرة جداً، وغالبها نقل واختصار من (معرفة علوم الحديث) للحاكم و (الكفاية) للخطيب، ولن تخلو من فائدة.
وبقي في هذا الطور مشاركات عدة، مما بلغنا، وما فقد فأكثر! لكن ما بلغنا من هذه المشاركات: إما أنه لم يقصد إلى شرح مصطلحات وإنما اعتنى ببيان بعض القواعد والأصول، أو أنه نقل محض تندر فيه الإضافة المؤثرة.
ومن أمثلة تلك المشاركات:
كتاب (شروط الأئمة الستة)، لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت 507هـ)
ومقدمة كتاب (الوجيز في ذكر المجاز والمجيز)، لأي طاهر أحمد بن محمد السلفي (ت 576هـ).
وكتاب (شروط الأئمة الخمسة) لأبي بكر محمد بن موسى الحازمي (ت 585هـ). و مقدمة كتاب (جامع ا لأصول في أحاديث الرسول)، لمجد الدين أبي السعا د ا ت
المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير (ت 606هـ).
ومن هنا ننتقل إلى الطور الثاني من أطوار كتب علوم الحديث.
الحواشي:
) انظر مقدمة الحافظ ابن حجر لنزهة النظر (ص 46 – 51)، ومقدمة تدريب الراوي للسيوطي (1/ 35 – 36).
(2) انظر (ص 48).
(3) انظر (ص 58ـ 59).
(1) انظر المحدث الفاصل (159ـ 126).
(2) معرفة علوم الحديث للحاكم (1 - 2).
(3) معرفة علوم الحديث للحاكم (22).
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم (25). .
(2) معرفة علوم الحديث (34).
(3) معرفة علوم الحديث (36).
(4) معرفة علوم الحديث (56).
(5) معرفة علوم الحديث (119).
(6) معرفة علوم الحديث (103 - 1109).
(7) معرفة علوم الحديث (112 - 113).
(8) معرفة علوم الحديث للحاكم (140).
(9) معرفة علوم الحديث (146 - 152).
(10) معرفة علوم الحديث (177).
(11) معرفة علوم الحديث (178).
(12) معرفة علوم الحديث (215).
(13) معرفة علوم الحديث (183 - 185).
(14) معرفة علوم الحديث للحاكم (215).
(15) معرفة علوم الحديث (256 - 261).
(1) انظر معرفة علوم الحديث للحاكم (18، 19، 21 ... ).
¥