تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا البحث كنت كتبته قبل نحو سنتين في كتاب لي بإسم (المعجم الميسر في مصطلحات المحدثين) ولمّا يطبع؛ وكنت أظن أنني غير مسبوق إلى هذا البحث في هذه اللفظة، وذلك للعزلة المفروضة على بلدنا؛ والله المستعان؛ والآن تبين لي أنه قد تكلم في المسألة عدد من الأفاضل؛ فهذا بحثي، أضعه هنا مشاركة في هذا الموضوع وتأييداً لما ذهب إليه المحققون في هذه المسألة؛ فإن رأى الأخ المشرف أن فيه شيئاً جديداً أو فائدة زائدة، وإلا فله حذفه إذا يشاء.

معنى قولهم (فلان يثبج الحديث)

هذه الكلمة قالها كما في (ضعفاء العقيلي) (1/ 84) و (الميزان) للذهبي (1/ 234) و (الكشف الحثيث) لبرهان الدين الحلبي (ص70) معمر بن راشد في شيخه إسماعيل بن شروس.

قال الذهبي: (إسماعيل بن شروس الصنعاني أبو المقدام، روى عبد الرزاق عن معمر قال: كان يثبج الحديث.

قلت: يروي عن عكرمة.

وقال ابن عدي: قال البخاري: قال معمر: كان يضع الحديث.

وقال عبد الرزاق: قلت لمعمر: ما لك لم تكتب عن ابن شروس؟ قال: كان يثبج الحديث).

واستعملها معمر في حق كل من رآهم بصنعاء من أهل الحديث بإستثناء راو واحد هو خلاد بن عبد الرحمن بن جندة؛ فقد قال البخاري في (تاريخه الكبير) (3/ 187): (قال أحمد عن عبد الرزاق عن معمر: ما رأيت أحداً بصنعاء إلا هو يثبج، إلا خلاد بن عبد الرحمن؛ وقال عبد الرزاق: هو من الأبناء).

ووقع في (تهذيب الكمال) للمزي (8/ 357) ما لفظه:

(قال عبد الرزاق عن معمر: ما رأيت أحداً يضبط إلا وهو يثبج إلا خلاد بن عبد الرحمن.

وقال هشام بن يوسف عن معمر: لقيت مشيختكم فلم أر أحداً كاد أن يحفظ الحديث إلا خلاد بن عبد الرحمن؛ وقال عبد الرزاق: هو من الأبناء).

وما حكاه المزي من طريق عبد الرزاق عن معمر فالظاهر أنه نقله من (تاريخ البخاري)، فالأرجح حينئذ أن تكون لفظة (يضبط) تصحيفاً عن لفظة (بصنعاء)، وصورة اللفظتين متقاربتان، ولا سيما عند قصر (صنعا)، أعني عند كتابتها من غير مد.

والاحتمال الآخر، وهو العكس، أي أن تكون (بصنعاء) هي المصحفة احتمال وارد أيضاً، ولكنه احتمال غير قريب، ولكنه تؤيده، عند التأمل، رواية هشام بن يوسف.

وعلى كل حال فالأمر هنا سهل، وليس هو المقصود بالبحث.

ولفظة (يثبج) استعملها بعد معمر إمام النقد والإنصاف والتثبت أحمد بن حنبل، ولكن في حق من؟

وصف الإمام أحمد بهذه اللفظة إمامين كبيرين الأول: شيخه وكيع بن الجراح، والثاني: أبو عاصم.

روى وكيع حديث التطبيق الآتي عن ابن مسعود فزاد بعد قوله (ورفع يديه) لفظةَ (إلا مرة) في رواية، ولفظة (ثم لا يعود) في رواية أخرى؛ ومعنى ذلك الاقتصار في رفع اليدين في الصلاة على الرفع الأول المقارن لتكبيرة الإحرام.

فنقل عبد الله بن أحمد في (العلل ومعرفة الرجال) (1/ 370) عن أبيه توهيمه لوكيع في هاتين الزيادتين؛ فقال عبد الله: قال أبي:

(حديث عاصم بن كليب رواه بن إدريس فلم يقل (ثم لا يعود)؛ ثم قال عبد الله:

(حدثني أبي قال حدثنا يحيى بن آدم قال: أملاه عليَّ عبد الله بن إدريس من كتابه عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حدثنا علقمة عن عبد الله قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبر ورفع يديه، ثم ركع وطبق يديه، وجعلهما بين ركبتيه.

فبلغ سعداً فقال: صدق أخي؛ قد كنا نفعل ذلك؛ ثم أُمِرنا بهذا؛ وأخذ بركبتيه.

حدثني عاصم بن كليب هكذا.

قال أبي: هذا لفظ غير لفظ وكيع؛ وكيع يثبج الحديث لأنه كان يحمل نفسه في حفظ الحديث). انتهى.

ويعني بالجملة الأخيرة أنه كان يتكلف الحفظ فيحدث من حفظه ولا يرجع إلى كتابه؛ وذلك من أسباب الوهم أحياناً.

ثم قال عبد الله: (حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن أبيه عن يزيد عن بن أبي ليلى عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه؛ يعني حديث شعبة عن يزيد؛ ولم يقل: ثم لا يعود).

وقال أبو داود في (سؤالاته) للإمام أحمد (1/ 374): (وسمعت أحمد قيل له: روح أحب إليك أو أبو عاصم؟ قال: كان روح يُخْرِجُ الكتابَ، وأبو عاصم يثبج الحديث).

ورواه من طريق أبي داود الخطيب في (تاريخه) (8/ 405).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير