تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمثلاً قال الحافظ ابن حجر في ترجمة عبد المتعال بن طالب الأنصاري، أبو محمد البغدادي - أصله من بلخ () -: "شيخ بغدادي وثقه أبو زرعة ويعقوب بن شيبة وغيرهما، وأورده ابن عدي في الكامل، ونقل عثمان الدارمي أنه سأل يحيى بن معين عن حديث هذا عن ابن وهب فقال: ليس هذا بشيء. قلت: وهذا ليس بصريح في تضعيفه؛ لاحتمال أن يكون أراد الحديث نفسه، ويقوي هذا أن عثمان هذا سأل ابن معين عن عبد المتعال فقال: ثقة، وكذا قال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين" ().

أما رواية عبد الخالق عنه فقد وثَّقه ()، وفي رواية ابن مُحرز قال عنه: "هو المسكين لا بأس به" ()، وأما في رواية الدارمي فقال: "ثقة" (). قال الدارمي: " قلت ليحيى: ثنا عبد المتعال عن ابن وهب عن عمرو عن إسماعيل ابن أبي خالد عن صلة عن خباب قال: قال النبي ?: الخيل ثلاثة، فقال: ليس هذا بشيء" ().

وعقَّب الحافظ على الحديث بقوله: "وهذا أمر محتمل لا يوجب تضعيف هذا الرجل" (). قال ابن عدي: "وهذا الذي ذكره في هذه الحكاية أن ابن وهب رواه عن عمرو بن الحارث عن إسماعيل بن أبي خالد، لم يروه ابن وهب هذا عن عمرو، وإنما رواه عن مسلمة بن علي عن إسماعيل بن أبي خالد ومسلمة ضعيف، وعمرو ثقة" ().

والحديث رواه ابن وهب قال: أخبرني مسلمة بن علي عن إسماعيل بن أبي خالد عن صلة بن زفر عن خباب بن الأرت قال: قال رسول الله ?:

"الخيل ثلاث، ففرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشيطان" ()، وهذا يقوي احتمال الحافظ ابن حجر - والله أعلم -.

وتُعَدُّ الخطوات السابقة احترازية للتثبت والتحقق في وقوع أقوال ابن معين في الرواة، وأما إذا ثبتت وتحققت في الراوي فيتم التعامل معها وفق معايير وقرائن أخرى.

ثامناً: إذا وردت أقوال ابن معين المختلفة في الراوي الواحد في وقت أو أوقات مختلفة وعن نفس راوي أقواله في ذلك الراوي المتكلم فيه، فالقول المعول عليه الأخير منها:

زكريا بن منظور بن ثعلبة، ويقال: زكريا بن يحيى بن منظور القُرَظي

أبو يحيى المدني ().

قال ابن معين - في رواية الدوري -: "ليس بشيء" قال مرة: "فراجعته فيه مراراً فزعم أنه: ليس بشيء" قال: "وكان طفيلياً" ().

قال: "كان زكريا بن منظور قد وَلي القضاء فقضى على حماد البربري، فلذلك حمله هارون إلى الرقة بذاك السبب، ليس بثقة" ().

وقال الدوري: "سئل يحيى عن زكريا بن منظور فقال: ليس به بأس.

فقلت: قد سألتك عنه م‍رة، فلم أرك فيه جَيِّد الرأي، أو نحو هذا من الكلام. فقال: ليس به بأس وإنما كان فيه شيء؛ زعموا أنه كان طفيلياً" ().

ويؤيد قوله الأخير قوله في رواية الدارمي: "قلت: فزكريا بن منظور كيف حديثه؟ فقال: ليس به بأس" ().

إلا أن ابن شاهين يرى التوقف فيه حيث قال: "وهذا الخلاف في زكريا يوجب التوقف؛ لأن يحيى ذَمَّهُ فروجع فيه فذمه وقال: هو طفيلي، والطفيلي الذي لا يبالي من أين كان مطعمه؟ ومن كانت هذه صورته في المطعم خفت ألا يكون مأموناً في العلم، وقد مدحه أحمد بن صالح فيوجب الوقف فيه إن شاء الله" ().

وكذلك يرى الخطيب البغدادي أن يحيى بن معين قد اختلف قوله فيه ().

وسرد الذهبي أقواله فيه حيث عبر بنقله عن رواية الدوري عنه: "ليس

بشيء. وقال مرات: ليس به بأس. وبعد أن ذكر رواية معاوية بن صالح عنه: ليس بثقة. وروايتي أحمد بن محمد بن محرز وأبي داود: ضعيف. جاء بأقوال الدوري عنه وآخرها ليس به بأس .... " ().

فلعله يرى ذلك آخر أقوال ابن معين وأرجحها فيه - والله أعلم -.

تاسعاً: قد ينفرد أحد الرواة برواية القول السابق لابن معين في راوٍ يخالفه فيه الرواة الآخرون:

وبخاصة البغاددة منهم الملازمون له، بينما الراوي للقول الأول صحبه مبكراً ثم استقر في بلده بعيداً عنه. فمثلاً:

عثمان بن عُمَيْر، ويقال: ابن قيس والصواب أن قيساً جد أبيه، وهو عثمان بن أبي حُميد أيضاً البَجلي، أبو اليقظان الكوفي الأعمى (ت في حدود 150ه) ().

انفرد الدارمي عن بقية الرواة عن يحيى بن معين بتعديل هذا الراوي حيث قال: "ليس به بأس" () وأما الروايات الأخرى التي نقلت أقوال ابن معين الأخرى في هذا الراوي فهي:

1 - قال في رواية الدوري: "ليس حديثه بشيء" ().

2 - وقال في موضعين من رواية ابن الجنيد: "ليس بذاك" وعقّب في الموضع الثاني بقوله: "كأنه ضعفه" ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير