تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويذكر الحديث (): "نظر إلى نَعَم بني فلانٍ وقد عَبِسَتْ في أبوالها". يقول: "وإنما عَدَّاه بـ"في"؛ لأنَّه أعطاه معنى انغَمَسَتْ.".

ولابن الأثير قدم راسخة في مباحث البلاغة العربية، بمختلف صنوفها وفنونها، ويتضح من"نهايته": اهتمامه ببيان الوجه البلاغي في الحديث الغريب، الذي توجَّه لشرحه، فيشير إلى التشبيه ووجهه، والاستعارة، والكناية، وغير ذلك من فنونِ البلاغة، ومن ذلك قوله في حديث الحسن في ابن عباس (): "إنه كان مِثَجا". أي: كان يصبُّ الكلام صَبا، شبَّه فصاحته وغزارةَ منطقه بالماء المثجُوج، والمِثَجُّ من أبنية المبالغة".

وفي الحديث (): "ويَفْتَرُّ عن مثل حَبِّ الغَمام". يقول: "يعني البَرَدَ، شبَّه به ثَغْره في بياضه وصفائه وبَرْدِه".

وفي الحديث (): "وتقيءُ الأرضُ أفلاذَ كَبِدِها". يقول: "أي تُخْرِجُ كنوزَها المدفونة فيها، وهو استعارةٌ".

وفي حديث الحديبية (): "قد لبسوا لك جلودَ النّمور". يقول: "هو كناية عن شدَّة الحقد والغضبِ، تشبيهاً بأخلاق النِمر وشراسته".

وفي حديث إبراهيم (): "فضاق بذلك ذَرْعاً". يقول: "ومعنى ضيق الذِّراع والذَّرْع قِصَرُها. ووجه التمثيل: أنَّ القصير الذراع لا ينالُ ما يناله الطويل الذِّراع ولا يُطيق طاقَتَه، فَضَرَبَ مثلاً للذي سقطَتْ قوتُه دون بلوغ الأمر".

7 ـ ويُعنى ابن الأثير بعرض احتمالات تصريف مادة الغريب، ووجه اشتقاقها. ففي الحديث (): "كلُّ مالٍ أدَّيْتَ زكاته فقد ذهبتْ أَبَلَتُه"ويُروى"وَبَلَتُه". يقول: "الأَبَلَةُ: الثِّقَلُ والطَّلِبة. وقيل: هو من الوَبال. فإن كان من الأول فقد قُلِبت همزتُه في الرواية الثانية واواً، وإن كان من الثاني فقد قلبت واوُه في الرواية الأولى همزةً".

وقد يذكر اللغات الأخرى في الغريب، ففي الأثر (): "إنما هو أَتِيٌّ فينا". يقول": أي غريب، يقال: رجل أَتِيٌّ وأَتاوِيٌّ".

وابن الأثير حَلْقة من منظومة علمية ذات شأوٍ بعيدٍ في علم غريب الحديث. ومن الطبيعي؛ أن تتبايَنَ الآراءُ في تأصيل مادة غريب الحديث، سواءً في مفردات هذا الغريب أو دلالاتِه. وقد كان قبل ابن الأثير مصنفون كبار أَدْلَوا بدلائهم في هذا العلم، فكان يتتبَّعُ أقوالَهم بالنقد والتمحيص.

ففي حديث هرقل (): "فمشى قيصر إلى إيلياءَ لمَّا أبلاه الله تعالى". يقول: "قال القتبيُّ: يُقال من الخير: أَبْليته أُبْلِيه إبلاءً. ومن الشر بَلَوْتُه أَبْلُوه بلاءً، والمعروف أنَّ الابتلاء يكون في الخير والشر معاً، من غير فَرْقٍ بين فعلَيْهما، ومنه قوله تعالى: ? ? ? ? ? ? [الأنبياء الآية: 35].

وفي حديث () "صلاة الجماعة تَفْضُل صلاة الواحد ببِضْعٍ وعشرين درجة"

يقول: "قال الجوهري (): "تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلاً، فإذا جاوزت لفظ العشر لا تقول: بضع وعشرون، وهذا يخالف ما جاء في الحديث".

وفي حديث عليّ (): "وجَبَّار القلوب"يقول القتيبيّ (): "لم أجعله من أَجْبَرَ؛ لأنَّ أفْعَل لا يُقال فيه فَعَّال. قال ابن الأثير: قلت: يكون من اللغة الأخرى، يقال: جَبَرْتُ وأَجْبَرْتُ بمعنى: قَهَرْتُ".

وفي حديث عمر (): "فيمَ الرَّمَلان"؟. يقول: "وحكى الحربي () فيه قولاً غريباً قال: إنه تثنية الرَّمَل وليس مصدراً". يقول ابن الأثير: "وهذا القولُ من ذلك الإمام كما تراه، وهو مصدر، وكذلك شرحه أهل العلم، لا خلاف بينهم فيه، فليس للتثنية وجهٌ".

وفي حديث عمرو بن العاص (): "أَرَدْتَ أن تُبَلِّغَ الناسَ عني مقالة يَزْعَنُونَ إليها، أي: يَميلُون إليها". قال أبو موسى (): "أظنُّه: يَرْكَنون إليها فَصُحِّفَ". قلت: الأقرب إلى التصحيف أن يكون يُذْعِنون، من: الإذعان؛ وهو: الانقيادُ، فعدَّاها بـ إلى بمعنى اللام، وأمَّا يركنون فما أبعدها من يَزْعَنُون".

وفي حديث أبي خيثمة (): "يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الضِّحِّ والريح" وأنا في الظِّل". يقول: "أي: يكون بارزاً لحَرِّ الشمس وهُبوب الرياح. وذكره الهروي () فقال: "أراد كثرةَ الخيل والجيش"هكذا فَسَّره الهروي، والأول أشبه بهذا الحديث".

وفي الحديث (): "لا يَتَبَيَّغْ بأحدِكم الدمُ فيقتلَه". يقول: "تبيَّغَ به الدمُ إذا تردَّد فيه. وقيل: إنه من المقلوب، أي: لا يبغي عليه الدمُ فيقتله من البغي، وهو مجاوزةُ الحدِّ. والأول الوجه".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير