ومنها أحاديث يوردها قصدا لكونها تخالف ما ذهب إليه ثم يعلها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
§ ما ذكره تحت الباب الذي ناقش فيه هل الحجامة تفطر الصائم أم لا؟ حيث أورد أدلة المخالفين له، وناقشها، كحديث: (ثلاث لا يفطرن الصائم، الحجامة والقيء والحلم)، حيث أورده من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ثم أعله لأنه ليس فيه عطاء وأبو سعيد، وعبد الرحمن سيء الحفظ لا يحتج بحديثه.
وقد نبه الذهبي إلى تمكن ابن خزيمة من معرفة الرجال حيث قال: كان (أي ابن خزيمة) جهبذا بصيرا بالرجال، ونقل عن أبي بكر محمد بن جعفر (شيخ الحاكم) قول ابن خزيمة: (ولست أحتج بشهر (أي ابن حوشب)، ولا بحريز بن عثمان لمذهبه (لأنه كان ناصبيا)، ولا بعبد الله بن عمر (وهو أحد الرواة وليس الصحابي المشهور)، ولا ببقية (أي ابن الوليد)، ولا بمقاتل بن حيان، ولا بأشعث بن سوار ولا بابن جدعان (علي بن زيد بن جدعان وهو للضعف أقرب لسوء حفظه)، ولا بعاصم بن عبيد الله ولا بمجالد (أي ابن سعيد) ولا بيزيد بن أبي زياد، ولا بقابوس بن أبي ظبيان، ولا بحجاج بن أرطأة (إذا قال عن، لأنه مدلس، وقد تكلم في حفظه)، ولا بأبي حذيفة النهدي، ولا بأبي معشر نجيح، ولا بعمر بن أبي سلمة، ولا بإبن عقيل (أي عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وهو متكلم في حفظه)، قال الذهبي متابعا: ثم سمى خلقا دون هؤلاء في العدالة فإن المذكورين احتج بهم غير واحد، وهذا يدل على شدة تحريه في صحيحه، ومن أبرز من ألف في رجال ابن خزيمة، ابن الملقن.
ومن أبرز ملامح صحيح ابن خزيمة:
¨ ابن خزيمة اختصر صحيحه من كتاب (المسند الكبير) ونبه إلى ذلك في مواطن كثيرة من صحيحه ككتاب الوضوء وكتاب التوحيد، ومن الملاحظات المهمة في صحيح ابن خزيمة، هو ميله إلى اختصار الأحاديث وخاصة الطويلة، فيقتصر على موضع الشاهد منها ثم يقول: وذكر الحديث.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك:
§ حديث: (ثم أخذ بيمينه (أي الماء) فصك بها وجهه) وذكر الحديث.
§ حديث: (ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به الحسنات، قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: إسباغ الوضوء على المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة)، ثم ذكر الحديث، وقال: (وهذا خبر طويل قد خرجته في أبواب ذوات عدد).
§ حدبث عمران رضي الله عنه، في نومهم عن صلاة الفجر عندما كانوا في سفر مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد اختصره ابن خزيمة من وسطه.
¨ وابن خزيمة يتعقب الأحاديث بما يزيل اللبس، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، ما ذكره في بداية الكتاب الذي ناقش فيه أدلة من قال بإفطار من احتجم وهو صائم، فأورد أدلة المخالفين ثم قال: (فكل مالم أقل إلى آخر هذا الباب، إن هذا صحيح فليس من شرطنا في هذا الكتاب).
¨ وقد يورد اسنادا فيه راو يعلم أنه ثقة ولكنه يخشى أن يقف عليه من لا يعرفه (أي ذلك الراوي) فيتهمه بالتساهل في صحيحه، فلذلك يورد أقوال العلماء في ذلك الراوي ليزيل اللبس، ومن الأمثلة على ذلك: أنه ذكر حديثا من طريق عبيد الله بن أبي جعفر، ثم نقل بإسناده إلى الليث بن سعد قوله: (سمعت يزيد بن أبي حبيب وعبيد الله بن أبي جعفر وهما جوهرتا البلد يقولان: فتحت مصر صلحا)، وهذا بلا شك تعديل لعبيد الله بن أبي جعفر.
¨ وابن خزيمة يشبه شيخه البخاري في مسألة الإستنباطات الفقهية في صحيحه ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما بوب له بقوله: باب ذكر اسقاط فرض الجمعة عن النساء، والدليل على أن الله عز وجل خاطب الرجال دون النساء بقوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة …) الآية، ثم قال: إن ثبت هذا الحديث الخبر من جهة النقل وإلا فإتفاق العلماء كاف لإسقاط الجمعة عنهن دون خبر خاص فيه، فهو بهذه الترجمة يبين أن الحديث الذي سيذكره يؤيد ما بوب له ولكنه غير ثابت، ومع ذلك فلا إشكال لأن العلماء اتفقوا على ذلك.
ولإبن خزيمة تعليقات مفيدة جدا في صحيحه ومن أبرزها:
¥