قال الشيخ: هذا الحديث مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على أن للمرأة التصرف في مالها مطلقًا إذا كانت رشيدة، كحديثي جابر رضي ا لله عنه وابن عباس رضي الله عنهما في حث النبي صلى الله عليه وسلم «النساء يوم العيد على الصدقة فجعلن يتصدقن بأقراطهن وخواتيمهن ... » الحديث، ولم يخبرهن بأن ذلك مقيد بإذن الزوج، وحديث ميمونة رضي الله عنها «في إعتاق الجارية من غير إذن زوجها» وهو النبي صلى الله عليه وسلم، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وعمرو بن شعيب حديثه حسن إذا لم يخالف الثقات، أما إذا انفرد بما يخالفهم فلا يحتج به، فكيف بمثل هذا، والله الموفق. (حاشية البلوغ).
3 - أحاديث صلاة التسابيح: ولها طرق كثيرة وقد صححه بعض أهل العلم، إلا أن شيخنا أعله بالشذوذ والنكارة ولم يلتفت إلى كثرة أسانيده.
فقال: الصواب أنه ليس بصحيح، لأنه شاذ ومنكر المتن، ومخالف للأحاديث الصحيحة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة ... (مجموع الفتاوى للشيخ ابن باز 11/ 426).
4 - حديث أبي هريرة مرفوعًا: «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له».
تكلم الشيخ على هذا الحديث أثناء كلامه على حديث عائشة -رضي الله عنها- في الصلاة على ابني بيضاء في المسجد.
وحديث أبي هريرة هذا ظاهرُ إسناده الصحة لكونه من رواية ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة، وصالح اختلط إلا أن رواية ابن أبي ذئب عنه قبل الاختلاط، لكن الشيخ لم يعتبر ذلك وضعف الحديث لكونه شاذا ومخالفا للأحاديث الصحيحة.
فقال الشيخ -رحمه الله-: وكون رواية ابن أبي ذئب عنه قبل الاختلاط لا تبرِّر هذا الخطأ لوجود ما يدل على ضعفه وشذوذه، ولما ذكرنا من حديث عائشة رضي الله عنها المذكور، وصلاة الصحابة على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم في المسجد (حاشية الشيخ على بلوغ المرام 1/ 352 - 353).
5 - التسليمة الواحدة في الصلاة:
وردت التسليمة الواحدة بما قد يظهر جوازها في بعض الروايات.
قال الشيخ: القول بإجزاء التسليمة الواحدة ضعيف، لضعف الأحاديث الواردة في ذلك، وعدم صراحتها في المطلوب، ولو صحت لكانت شاذة، لأنها قد خالفت ما هو أصح منها وأثبت وأصرح، لكن من فعل ذلك جاهلاً، أو معتقدًا صحة الأحاديث في ذلك فصلاته صحيحة (مجموع الفتاوى للشيخ ابن باز 11/ 166).
قلت: وتعليل شيخنا للأحاديث بالمخالفة والشذوذ كثير جدًا، وبسطه في مكانه.
* القسم الثاني: منهج الشيخ في علل الأسانيد:
إن إدراك الشيخ لاستقامة الأسانيد وصحتها أمر مقترن بصحة المتون وإثباتها، وللمحدثين مناهج في علل الأسانيد وتقويمها، والمسائل في هذا الباب كثيرة، ولكن أذكر هنا ما يهم في هذه النبذة مما يفهم عن الشيخ أنه لم يراع مناهج المتقدمين في ذلك ().
فأذكر هنا مثالاً لإحدى مسائل الأسانيد، وهو منهج الشيخ في التدليس:
إن لشيخنا -رحمه الله- في التدليس تقسيم معروف، وهو أقرب لمناهج المتقدمين في ذلك، فالتدليس عند شيخنا على قسمين:
القسم الأول: أحاديث المدلسين في الصحيحين:
نظرًا لسلامة أحاديث الصحيحين من الشذوذ والعلة وإجماع الأمة على ذلك كما هو معلوم، فإن الشيخ لا ينظر لأي عنعنة في الصحيحين من أحد المدلسين.
قال الشيخ بعد ذكره لحديث معلول في أحد إسناديه الأعمش وفي الآخر الثوري، وهو معنعن في كليهما، فأعل الشيخ الحديث.
ثم قال -رحمه الله-: لكن عنعنته -أي الأعمش- وعنعنة الثوري محمولة على السماع فيما خرجه عنهما البخاري ومسلم في الصحيحين، أما في غير الصحيحين فليس هناك مانع من تعليل روايتهما بذلك إذا لم يصرحا بالسماع (مجموع الفتاوى 12/ 312).
القسم الثاني: أحاديث المدلسين في غير الصحيحين:
وهنا لشيخنا -رحمه الله- تقسيم لأحاديث المدلسين في غير الصحيحين، ويمكن إجمالها في أربعة أقسام:
الأول: إن الأصل في حديث المدلس المعنعن السماع ما لم يثبت غير ذلك:
إن الأصل في عنعنة المدلس عند شيخنا -رحمه الله- هو السماع؛ لكون الأصل في سياقة الأسانيد عند المحدثين هو العنعنة، فالمحدثين اعتادوا ذكر العنعنة في الأسانيد اختصارًا، فهي قائمة مقام السماع وهذا هو الأصل عند شيخنا ما لم تظهر علة توجب طلب السماع للحديث.
قال الشيخ -رحمه الله-: توجيهًا لإقرار الذهبي لتصحيح الحاكم لحديث حبيب بن أبي ثابت وهو ثقة مدلس، وحديثه هذا معنعن.
فقال -رحمه الله-:
¥