تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن عند كلامه على حديث عائشة: (أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم)، الذي ذكره مسلم في المقدمة معلقاً عنها بلفظ: وقد ذكر عن عائشة – رضي الله عنها -، عند هذا الحديث ذكر ابن الصلاح أن أبا داود أخرجه من طريق ميمون بن أبي شبيب، عن عائشة، وأنه ذكر بعد تخريجه له أن ميموناً لم يدرك عائشة (2)، ثم تعقبه ابن الصلاح بقوله:

(وفيما قاله أبوداود توقفٌ ونظر، فإنه كوفي متقدم، قد أدرك المغيرة بن شعبة، ومات المغيرة قبل عائشة، وعند مسلم التعاصر مع إمكان التلاقي كافٍ في ثبوت الإدراك فلو ورد عن ميمون أنّه قال: لم ألق عائشة استقام لأبي داود الجزم بعدم إدراكه، وهيهات ذلك). (3).كذا صنع ابن الصلاح، وأبو داود إنما جزم بذلك تمشّياً مع مذهبه في ضرورة ثبوت اللقاء والسماع، ولا سيّما مع قرينة اختلاف البلدان، وهو القول الذي رجحه ابن الصلاح أولاً.

ولم ينفرد أبوداود بذلك، بل نفى سماعه أيضاً أبو حاتم (4)، وقال عمرو بن علي الفلاس في ميمون: (كان يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ... ، وليس عندنا في شيء منه يقول: سمعت، ولم أخبر أن أحداً يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.) (5)

ومن ذلك أنّ العلائي وهو ممن ردّ على مسلم قوله وناقشه فيه (6)، لكنه رجح سماع حميد بن عبدالرحمن بن عوف من علي على رأي مسلم، كما تقدّم آنفاً في المسألة الثالثة. اهـ

وذكر اللاحم أيضاً مثالاً آخر للعلائي ومثالاً لابن حجر وتعقيب المعلمي عليه.

ثم ذكر اللاحم ص 162 مواصلاً كلامه عن المسألة الرابعة:

وأوسع ما يكون التناقض في هذه المسألة – مع خفاء فيه – أن يلفّق الباحث بين القولين عند التطبيق، وذلك بأن يبحث عن كلام الأئمة في سماع راوٍ من آخر، فإذا وجد قولاً لإمام بنفي السماع أعمله، وإن لم يجد لجأ إلى قول مسلم فطبقه، مع أن نفي الإمام للسماع قد يكون بناه على عدم وجود السماع، فهو متصل على رأي مسلم، وتطبيقه لرأي مسلم فيما إذا لم يجد نفياً للسماع يناقض أخذه بقول ذلك الإمام الذي نفى السماع لكونه لم يرد، مع أنه ممكن.

ومع أن هذا الصنيع أسلم في النهاية، إذ هو تطبيق للرأي الراجح – رأي الجمهور- على عدد غير قليل من الروايات، وفيه أيضاً احترام لأقوال أئمة النقد، وتسليم لهم، وبعد عن معارضتهم – إلاّ من الناحية العلمية البحتة تناقض، لا ينفك عنه الباحث إلا بطرد الرأي الذي يختاره، فإنّ طبق مذهب الجمهور، وبحث كلامهم، وسلم لهم إذا وجده، فعليه أن يلتزمه فيما إذا لم يجد لهم كلاماً، وذلك بحمل الرواية على عدم الاتصال حتى يثبت السماع، وإن اختار رأي مسلم ومن وافقه فعليه دراسة كل حالة على حدة، بعيداً عن أقوال الأئمة فيها، فإن تبين له أنها متصلة على هذا الرأي فعليه التزام ذلك. اهـ

إلى آخر ما ذكره المؤلف – حفظه الله-.


الهوامش
(1) صيانة صحيح مسلم. ص128
(2) سنن أبي داود، حديث (4842).
(3) صيانة صحيح مسلم. ص84
(4) المراسيل ص 214.
(5) تهذيب الكمال 29:207
(6) جامع التحصيل ص (134 - 141)،145.

حفظ الله الجميع.

ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[10 - 06 - 08, 10:21 م]ـ
جزاكم الله خيراً ومن الأمور التي تلبس على القارئ أن كل حزب يقول أهله: المحدث فلان ...
ولو أردت أن تقارن بين محدثي السلف من الأئمة السابقين وبين المتشبعين به في هذا الزمان لرأيت عجباً فبمجرد اختلاف شيخ ذلك الحزب مع شيخ مثله أو أعلم أو أقل منه تنهال عبارات التسفيه على ذلك الآخر بينما لو أراد واحد من أتباع الشيخ فلان مدح طالب علم علمه فيقول عنه: شيخنا المحدث وكذلك إن حدثت مناقشة بين شيخهم وآخر فيقولون: بين الشيخ فلان والمحدث فلان يريدون إعلاء شأن شيخهم؛ لأنه يناقش المحدث الفلاني ولو اختلف معه سيسحب منه ذلك اللقب من فوره يا له من تصرف!!
ولو سأل بعضنا بعضاً من ممن يطلق عليهم محدثين يحدثون الناس من صدورهم لا أقول آلاف الأحاديث بل عشرة أحاديث فقط؟! ومع هذا يقولون:محدث!!!

ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[25 - 06 - 08, 11:33 م]ـ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير