ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[20 - 09 - 04, 02:30 م]ـ
لاشك في الفائدة العظيمة من معرفة الأحاديث الصحيحة وتمييزها عن الأحاديث الضعيفة ولكن الأئمة كان لهم أهداف متعددة من جمع الروايات الضعيفة
قال الحاكم في المدخل إلى الإكليل بعد كلامه السابق
(ولعل قائلا يقول: وما الغرض في تخريج ما لا يصح ويعدل رواته؟ الجواب عن ذلك عن أوجه وهي: أن الجرح والتعديل يختلف فيهما وربما عدّل إمام وجرح غيره، وكذلك الإرسال يختلف فمن الأئمة الماضين كانوا يحدثون عن الثقات وغيرهم فإذا سئلوا عنهم بينوا أحوالهم.
وهذا مالك بن أنس إمام أهل الحجاز بلا مدافعة روى عن عبدالكريم بن أمية الضمري وغيره ممن تكلموا فيهم، ثم أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي وهو الإمام لأهل الحجاز بعد مالك روى عن إبراهيم بن محمد بن يحيى الأسلمي وأبي داود سليمان بن عمر والنخعي وغيرهما من المجروحين.
وهذا أبو حنيفة روى عن جابر بن يزيد الجعفي وأبي العطوف الجراح بن منهال الجزري وغيرهما من المجروحين، ثم بعده أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن إبراهيم القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني حدثا جميعا عن الحسن بن عمارة وعبدالله بن محرر وغيرهما من المجروحين، وكذلك من بعدهما من أئمة المسلمين قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر إلى عصرنا هذا لم يخل حديث إمام من أئمة الفريقين عن مطعون فيه من المحدثين رضي الله عنهم.
وللأئمة في ذلك غرض ظاهر وهو أن يعرفوا الحديث من أين مخرجه والمنفرد به عدل أو مجروح.
سمعت أبا العباس الأرموي سمعت العباس بن محمد الدوري سمعت يحيى بن معين يقول: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه.
أخبرنا أبو عمران موسى بن الحنظلي الحافظ بهمذان حدثنا محمد بن إسحاق القاضي بالدينور سمعت سمعت أبا بكر الأثرم يقول: رأى أحمد بن حنبل يحيى بن معين بصنعاء في زاوية وهو يكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس فإذا اطّلع عليه إنسان كتمه، فقال له أحمد: تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس وتعلم أنها موضوعة فلو قال لك قائل: أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه. فقال: رحمك الله يا أبا عبدالله أكتُبُ هذه الصحيفة عن عبدالرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلّها وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجيء بعده إنسان فيجعل بدل أبان ٍ ثابتاً ويرويها عن معمر عن ثابت عن أنس فأقول له كذبت إنما هي عن معمر عن أبان عن ثابت.
حدثنا دعلج بن أحمد ببغداد حدثنا أحمد بن علي ألأبار قال: قال يحيى بن معين كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور وأخرجنا به خبزا ناضجا.
قال الحاكم رحمه الله وأهل الحجاز والعراق والشام يشهدون لأهل خراسان بالتقدم في معرفة الصحيح لسبق الإمامين البخاري وأبي الحسين وتفردهما بهذا النوع من العلم جزاهما الله عن الاسلام خيرا.
وقد صنفت على كتاب كل واحد منهما كتابا وعرّفت شرط كل واحد منهما في الصحيح والسقيم مما اتفقا عليه واختلفا فيه وأنا مبين من ذلك ما فيه البلغة) انتهى.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[18 - 10 - 05, 11:54 ص]ـ
لجمع المسانيد بشروطها المعروفة مقاصد كثيرة، وهذه المقاصد كثيراً ما تختلف نوعاً وكماً من مصنف إلى آخر؛ ومن أهمها ما يلي:
الأول: حفظ ما روي كما روي ولو كان ضعيفاً؛ من أجل إيقاف عملية السرقة والوضع للطرق والأسانيد؛ وهذا من أهم مقاصد التدوين؛ فعملية التدوين كفيلة بالتصدي لمقاصد الوضاع والمتلاعبين؛ ولولا التدوين لما تيسر للنقاد النقد إلا من كان منهم حافظاً كبيراً ذا حفظ عجيب؛ كأحمد وابن معين وأضرابهما؛ ومع ذلك فالحفظ خوان؛ وهو آخذ بالتناقص في الأمة جيلاً بعد جيل؛ فالعلماء ينتفعون من كل طريق في النقد، حتى ولو كانت طريقاً مكذوبة؛ أو واهية؛ قال أبو بكر الأثرم: رأى أحمدُ بنُ حنبل يحيى بن مَعِين بصنعاء في زاويةٍ وهو يكتب صَحِيفة مَعْمَر عن أَبان عن أنس، فإذا اطّلَع عليه إنسانٌ كَتَمَهُ؛ فقال له أحمد: تكتب صحيفةَ مَعْمَر عن أبان عن أنس وتعلم أنها موضوعة؟ فلو قال لك قائل: أنت تتكلّم في أَبان ثم تكتب حديثَهُ على الوجه؟ فقال: رَحمك الله يا أبا عبد الله أكتبُ هذه الصّحيفة عن عبد الرزاق عن مَعْمَر على الوجه فأحفظها كُلّها, وأعلمُ أنها موضوعة حتى لا يجيء إنسانٌ بعده فيجعل أبان ثابتاً ويرويها عن مَعْمَر، عن ثابت، عن أنس، فأقول له: كذبت إنما هو عن
¥