تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي:

قاعد مهمة:

حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم

لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك.

وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره، وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة، التي خصوا بها سائر أهل العلم، كما سبق ذكره في غير موضع.

فمن ذلك:

سعد بن سنان، ويقال: سنان بن سعد:

يروى عن أنس، ويروي عنه أهل مصر:

قال أحمد: ((تركت حديثه، حديثه حديث مضطرب. وقال: يشبه حديثه حديث الحسن، لا يشبه أحاديث أنس)). نقله عبد الله ابن أحمد عن أبيه.

ومراده أن الأحاديث التي يرويها عن أنس مرفوعة، إنما تشبه كلام الحسن البصري أو مراسيله.

وقال الجوزجاني: ((أحاديثه واهية لا تشبه أحاديث الناس عن أنس)).

(حديث) شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر:

روى عنه أحاديث:

منها: حديث ابن المنكدر عن جابر مرفوعاً: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة .. الحديث)). وقد خرجه البخاري في صحيحه.

وله علة: ذكرها ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ((قد طعن في هذا الحديث.وكان عرض شعيب بن أبي حمزة على ابن المنكدر كتاباً فأمر بقراءته عليه فعرف بعضاً وأنكر بعضاً، وقال لابنه أو ابن أحيه أكتب هذه الأحاديث، فدون شعيب ذلك الكتاب، ولم تثبت رواية شعيب تلك الأحاديث على الناس، وعرض علي بعض تلك الكتب فرأيتها مشابهاً لحديث إسحاق بن أبي فروة، وهذا الحديث من تلك الأحاديث)).

قلت: ومصداق ما ذكره أبو حاتم أن شعيب بن أبي حمزة روى عن ابن المنكدر عن جابر حديث الاستفتاح في الصلاة بنحو سياق حديث علي. روى عن شعيب عن ابن المنكدر عن الأعرج عن محمد بن مسلمة، فرجع الحديث إلى الأعرج.

وإنما رواه الناس عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي ابن أبي طالب، ومن جملة من رواه عن الأعرج بهذا الإسناد إسحاق بن أبي فروة.

وقيل: إنه روه عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج.

وروى عن محمد بن حمير عن شعيب بن أبي حمزة عن ابن أبي فروة وابن المنكدر عن الأعرج عن محمد بن مسلمة.

ورواه حيوة عن شعيب عن إسحاق عن العرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن محمد بن مسلمة، فظهر بهذا أن الحديث عند شعيب عن ابن أبي فروة.

وكذا قال أبو حاتم الرازي: ((هذا الحديث من حديث إسحاق بن أبي فروة يرويه شعيب عنه)).

وحاصل الأمر أن حديث الاستفتاح رواه شعيب عن إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر، فمنهم من ترك إسحاق وذكر ابن المنكدر وآخر، وكذا وقع في سنن النسائي.

وهذا مما لا يجوز فعله، وهو أن يروي الرجل حديثاً عن اثنين: أحدهما مطعون فيه، والآخر ثقة، فيترك ذكر المطعون فيه، ويذكر الثقة.

وقد نص الإمام أحمد على ذلك، وعلله بأنه ربما كان في حديث الضعيف شئ ليس في حديث الثقة، وهو كما قال، فإنه ربما كان سياق الحديث للضعيف وحديث الآخر محمولاً عليه.

فهذا الحديث يرجع إلى رواية إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر، ويرجع إلى حديث الأعرج، ورواية الأعرج له معروفة عن ابن أبي رافع عن علي، وهو الصواب عند النسائي، والدار قطني وغيرهما.

وهذا الاضطراب في الحديث الظاهر أنه من ابن أبي فروة لسوء حفظه وكثرة اضطرابه في الأحاديث، وهو يروي عن ابن المنكدر، وقد روى هذا الحديث يزيد بن عياض بن حعدية عن ابن المنكدر عن الأعرج عن ابن أبي رافع عن علي.

وقد كان بعض المدلسين يسمع الحديث من ضعيف فيرويه عنه ويدلسه معه عن ثقة لم يسمعه منه، فيظن أنه سمعه منهما، كما روى معمر عن ثابت وأبان وغير واحد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ((نهى عن الشغار)).

قال أحمد: ((هذا عمل أبان ـ يعني أنه حديث أبان ـ وإنما معمر، يعني لعله دلس. ذكره الخلال عن هلال بن العلاء الرقي عن أحمد.

ومن هذا المعنى: أن ابن عيينة كان يروي عن ليث وابن أبي نجيح جميعاً عن مجاهد عن ابن أبي معمر عن علي حديث القيام للجنازة.

قال الحميدي: فكنا إذا وقفناه عليه لم يدخل في الإسناد أبا معمر إلا في حديث ليث خاصة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير