عبد الله الهمداني، وعبد الله وأبو موسى الهمداني ليسا بمعروفين، ومنهم من يقول الهمداني في أبي موسى. اهـ.
وقال أبو القاسم بن عساكر في تاريخه 17/ 872: هذا حديث مضطرب الإسناد لا يستقيم عند أصحاب التواريخ أن الوليد كان يوم فتح مكة صغيراً، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ساعياً.
قلت: عبد الله الهمداني أبو موسى من التابعين إما من كبارهم وهو الأقرب لأن الراوي عنه من الطبقة الوسطى من التابعين أو من الوسطى، وأما ما جاء من الاضطراب في اسمه أو ما وقع في بعض الأسانيد عن عبد الله الهمداني عن أبي موسى فهذا خطأ وتقدم كلام العقيلي والطبراني في ذلك وهذا هو الصحيح كما وقع في أكثر الأسانيد.
وعبد الله الهمداني ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح 5/ 208 ونقل عن أبيه أنه قال عنه: لا بأس به. اهـ. وترجم له في قسم الكنى من كتابه 9/ 438 وسكت عنه: وتقدم أن أبا داود أخرج حديثه وسكت عنه وقد قال: وما سكت عنه فهو صالح. وصحح له الحاكم هذا الحديث كما تقدم وأما ذكر العقيلي (11) وابن عدي له فالذي يبدو أنهما تابعا البخاري في ذلك لأنهما لم ينقلا سوى قول البخاري كما تقدم.
وأما البخاري فيظهر من كلامه أنه أعلّ هذا الخبر بعلتين هما: جهالة عبد الله الهمداني وأن هذا الخبر جاء ما يخالفه وهو ما ذكره كما تقدم.
والخبر الذي ذكر: فيه دينار والد عيسى فيه جهالة ولم يوثقه إلا ابن حبان كما في ترجمته. وقال ابن المديني: عيسى معروف ولا نعرف أباه. اهـ. وتفرد بالرواية عنه ابنه. وفي هذا الخبر أنه سمع الحارث بن ضرار وهذا عندي فيه شيء من النظر وذلك أن ديناراً كأنه يصغر عن هذا وهو مولى عمرو بن الحارث ولد الحارث وليس الحارث، والحارث قديم ولعله مات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو في صدر عهد الخلفاء الراشدين لأنه لم يذكر له خبر سوى هذه القصة – فيما أعلم – فلعله مات قديماً فيبعد أن ديناراً سمع منه وإلا يكون دينار من كبار التابعين وهذا بعيد، ومما يدل على صِغَر دينار أن أبا داود 2322 روى من طريق عيسى بن دينار عن أبيه عن عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود .. فلعل هذا يدلّ على تأخره، لأنه روى عن ابن مسعود بواسطة فلو كان من كبار التابعين لروى عنه مباشرة مع أن ابن مسعود تأخر قليلاً، فقد توفي في خلافة عثمان، وإن كان هذا لا يلزم ولكن يُستأنس به هنا.
وأيضاً أن عيسى ابنه متأخر فقد روى عنه وكيع وابن المبارك وأبو نعيم، لأن وكيعاً وابن المبارك توفيا قرب المائتين، وأما أبو نعيم فتوفي سنة 217هـ.
مما يؤيد هذا أن الخبر الذي رواه عن الحارث فيه مواضع كأن ديناراً لم يسمع منه وذلك أن فيه: فلما جمع الحارث الزكاة .. فظن الحارث .. فالله أعلم.
ثم أيضاً هذا الحديث رواه أحمد وابن أبي عاصم 2353 في الآحاد والمثاني وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 7/ 371، والطبراني 3395 في الكبير ومطين (12) كما في الإصابة 1/ 281، وأبو نعيم في المعرفة 2081 كلهم من طريق محمد بن سابق ثنا عيسى به ولعل محمد بن سابق تفرد به، وهو إن كان خرّج له الشيخان ولكن فيه بعض الكلام، قال يعقوب بن شيبة: كان شيخاً صدوقاً وليس ممن يوصف بالضبط للحديث، وضعفه ابن معين وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وذكر في ترجمته حديثاً أخطأ فيه وقد تفرد به وقال ابن المديني عن هذا الحديث: منكر.
فإن كان ابن سابق تفرد به فهذا الخبر فيه نظر وتكون هذه علة أخرى. ولذلك قال ابن منده كما في تاريخ ابن عساكر 17/ 873: هذا حديث غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه وقد روي من وجوه أخر. اهـ. والوجوه الأخر يقصد بها الشواهد التي جاءت بمعنى هذا الحديث ولا يصح منها شيء.
ولعل خبر عبد الله الهمداني عن الوليد (13) أقوى من هذا الخبر وحده وإن كان جاء ما يشهد لهذا الخبر ولكن كلها لا تصح وهذا الخبر من أحسنها كما ذكر ابن كثير في تفسيره 7/ 370.
وأما ما قال أبو عمر بن عبد البر من كون هذا الحديث مضطرب فهذا فيه نظر كما تقدم وأنه ليس بمضطرب، وأما جهالة أبو موسى الهمداني فتقدم الكلام عليها.
وأما قوله: إن الزبير وغيره من أهل العلم بالسير ذكروا أن الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما أم كلثوم، فهذا من كلام أهل السير وليس له إسناد فيما أعلم.
¥