تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمقسم لا يقسم إلا على من يرى أنه يبر بقسمه. انتهى.

قال: وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه من عدم جواز الخلط بين القسم والسؤال. وننتهي من ذلك إلى أنه لا يوجد ما يمنع شرعاً من السؤال بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو ذات غيره من الصالحين مما لم يعبد من دون الله تعالى، وذلك له دليله الشرعي. يقول ابن تيمية في قاعدة جليلة: السؤال بذات الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا يجوزه طائفة من الناس ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف وهو موجود في دعاء كثير من الناس، لكن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ضعيف بل موضوع، وليس عنه حديث ثابت قد يظن أن لهم فيه حجة إلا حديث الأعمى ودعاء عمر في الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار. انتهى كلام ابن تيمية وأقول: إنه أثبت حجية ذلك بحديث الأعمى واستسقاء الصحابة وبرغم رده على ذلك فهو ردّ للحديث الصحيح ولأعمال الصحابة رضي الله عنهم كما نبينه:

حديث الاستسقاء:

عن أنس رضي الله عنه: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون" رواه البخاري، ومثله عن ابن عمر وغيرهما وأحاديثهم في المسانيد وغيرها. يقول الدكتور عزت عطية في البدع: والمتأمل في كلام ابن تيمية يجده ينفي وقوع التوسل أو سؤال الله تعالى بمخلوق مطلقاً ولكنه لايقدم لنا دليلاً على ذلك. بل إن الأدلة في الشرع قامت على خلافه، فالصحابة بلا مخالف توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وتوسلوا بعده بعم النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر بن الخطاب قال: " أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسقي لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام فقال له: ائت عمر فقال له: إنكم مستسقون فعليك الكفين، قال: فبكى عمر وقال: يا رب ما آلوا إلا ما عجزت عنه" ذكره وأقره أيضاً ابن حجر العسقلاني في فتح الباري الجزء الثالث، وذكر الكوثري أن هذا الحديث نص على عمل الصحابة في الاستسقاء به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حيث لم ينكر عليه أحد مع بلوغ الخبر إليهم وما يرفع إلى أميرالمؤمنين فإنه يذيع ويشيع، وروى الدارمي " أن أهل المدينة لما قحطوا أشارت عليهم عائشة رضي الله عنها بأن يجعلوا من قبر النبي صلى الله عليه وسلم كوّا ــ أي فتحه ــ إلى السماء حتى لا يكون بينه و بينها سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت، فسمّي عام التفتق" انتهى كلام الكوثري في محق التقول. ويقول الدكتور عزت عطية أيضاً: قول ابن تيمية إن التوسل المشروع عند الصحابة هو التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا السؤال بذاته، أن ذلك غير مقبول كما يقول ابن حجر، إذ الاحتمال أن يكونوا طلبوا السقيا من الله مستشفعين به صلى الله عليه وسلم وكذلك بعمه العباس رضي الله عنه، ولا يخفى أن التوسل بالعباس ما كان لشخصه فقط بل لقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم فهو يتضمن التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا قيل: لماذا لم يتوسلوا مباشرة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبره وتوسلوا بعمه؟ فلأن صلاة الاستسقاء عبادة مشروعة تكون من حيّ مكلف وهو العباس. انتهى. وأقول: القول بعدم التوسل بمخلوق يناقض عقيدة ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث يجيز التوسل بالعمل الصالح المخلوق لله وبين العبد الصالح المخلوق لله.

حديث الأعمى:

رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب، ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، ورواه ابن ماجة، ورواه الطبراني بطرق كثيرة صحيحة كما جاء في مجمع الزوائد. وهو صريح ونص في التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير