تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثاني: التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وشفاعته. انتهى، فهذان جائزان بإجماع المسلمين، أما الدليل على ذلك من القرآن ففي قوله تعالى: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) " آل عمران: 193 "، فقد قدموا التوسل بالعمل الصالح وهو الإيمان على الدعاء، رجاء الإجابة. وكذلك قوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا) " المؤمنون: 109)، فقد قدموا التوسل بالإيمان على طلب المغفرة والرحمة. وكذلك قوله تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)

" آل عمران: 16 ". والدليل على ذلك من السنة حديث الغار المعروف. ثم ذكر الكاتب حديث الثلاثة الذين حبسوا في الغار، ثم قال: قال الإمام النووي في شرح مسلم: استدل أصحابنا بهذا على أنه يستحب أن يدعو الإنسان في حال كربه وفي دعاء الاستسقاء وغيره بصالح عمله ويتوسل إلى الله تعالى به، لأن هؤلاء فعلوه فاستجيب لهم، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في معرض الثناء عليهم بجميل فضائلهم.

هذا عن التوسل بالعمل الصالح المتفق عليه، أما عن التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وشفاعته المتفق عليه أيضاً: فيدل عليه قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) " النساء: 64 " وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه: " أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً، فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبيل فادع الله أن يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، قال أنس: ولا والله مانرى في السماء من سحابة ولا قزعة ولا شيئاً، وما بيننا وبين سلع ــ جبل ــ من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستاً، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا لا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر، قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس" رواه البخاري ومسلم. يقول الدكتور عزت عطية في البدع: فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأعرابي على التوسل به، وسعى في تحقيق ما توسل إليه، بل لقد دل بإقراره صلى الله عليه وسلم واستجابته على أن طلب الدعاء من الغير أرجى للإجابة إذا كان المطلوب منه الدعاء من أهل التقوى والصلاح. يقول: وإذا كان هذا التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فإن التوسل بدعاءغيره صلى الله عليه وسلم قد سنه لنا حينما قال لعمر بن الخطاب وقد استأذنه في العمرة فأذن له: " لا تنسنا يا أخي من دعائك" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. بل سن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للجميع كما جاء في حديث أويس بن عامر؟ رضي الله عنه، ثم ذكر الحديث، ثم قال:

قال الإمام ابن تيمية في: قاعدة جليلة: وير اد بالتوسل معنى ثالث لم ترد به سنة وهو الإقسام على الله بذات الرسول صلى الله عليه وسلم والسؤال بذاته، فهذا الذي لم تكن الصحابة تفعله لا في الإستسقاء ولا في غيره، لا في حياته ولا بعد مماته. انتهى. ويقول الدكتور عزت عطية في البدع مفنداً قول الإمام ابن تيمية: وإذا سلمنا بعدم جواز القسم على الله بمخلوق، فلا يلزم من ذلك عدم جواز سؤاله تعالى بمخلوق، لأن بين السؤال بالشيء والإقسام به فرقاً واضحاً، ومن العجيب أن ابن تيمية رغم خلطه بين الأمرين قد بين هذا الفرق في معرض حديثه حيث قال: وساغ النزاع في السؤال بالأنبياء والصالحين دون الإقسام بهم لأن بين السؤال والإقسام فرقاً: فإن السائل متضرع ذليل يسأل بسبب يناسب الإجابة، والمقسم أعلا من هذا فإنه طالب مؤكد طلبه بالقسم،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير