قال الخطابي: (قلت: في هذا بيان أن المرأة لا يلزمها الحج إذا لم تجد رجلا ذا محرم يخرج معها. . وقال الشافعي: تخرج مع امرأة حرة مسلمة ثقة من النساء. قلت: المرأة الحرة المسلمة الثقة التي وصفها الشافعي لا تكون ذا حرمة منها، وقد حظر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم الشريطة التي أثبتها النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف السنة، فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية، لم يجز إلزامها الحج وهو طاعة. بأمر يؤدي إلى معصية) معالم السنن 2/ 144. خاصة وأنه مع وجود غير المحرم قد تتعرض المرأة أثناء سفرها لما لا ينبغي لها لعدم وجود من يمنع عنها الردى، أو يشفق عليها لو حصل لها مكروه، ولذلك، نرى الإمام مالكا يكره خروج المرأة للحج مع ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها شرح الزرقاني على موطأ مالك ج 2/ 402 طبع دار الفكر. .
(الجزء رقم: 28، الصفحة رقم: 260)
وإذا كان مالك يكره ذلك مع ابن الزوج وهو محرم، فالقول بالحرمة مع غير المحرم أولى.
ولا حاجة للتفريق بين المرأة الشابة والمتجالة، لأن مناط النهي للتحريم كما في الأحاديث كونها امرأة وهو وصف منضبط يصلح لأن يكون علة للتحريم، بخلاف كونها شابة أو متجالة، خاصة وأن بعض النفوس قد تتعلق بالمرأة المتجالة أيضا فكل ساقطة في الحي لها لاقطة، وقد رد النووي على هذا بقوله (وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها. لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته وخيانته، ونحو ذلك) صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 104، 105. .
ومما يؤيد حرمة سفر المرأة بدون محرم للحج ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: صحيح البخاري الجهاد والسير (2896) ,صحيح مسلم الحج (1341) ,سنن ابن ماجه المناسك (2900) ,مسند أحمد بن حنبل (1/ 346). جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إني كتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة قال ارجع وحج مع امرأتك ففي هذا الحديث دلالة على تقديم الأهم من الأمور المتعارضة، لأنه لما تعارض سفره في الغزو وفي الحج معها رجح الحج معها، لأن الغزو يقوم غيره مقامه بخلاف الحج معها صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 110. وهذا يدل على أن المحرم لا ينوب عنه جماعة المسلمين الصالحين أو النساء الثقات، وإلا لما أمره -صلى الله عليه وسلم- بالرجوع عن الجهاد والتخلف عنه لا سيما وأن من يتخلف عنه منافق معلوم النفاق.
والله أعلم 0
كتبه وجمعه أبو أحمد عبد الله المطرفي الهذلي المكي
=====
جزاك الله خيراً
بل الصحيح أن ما بين مكة وعرفة ليس سفراً ..
لأمور عدة:
1 - أنه لا يسمى في العرف سفراً البتة.
2 - أن بعض السلف -كقول لمالك رحمه الله- أولوا هذا القصر في الحج باعتبار مجموع المسافة التي يقطعها الحاج طيلة حجه من منى لعرفة فإلى مزدلفة فإلى منى فإلى البيت. فهذا أجود في نظري ممن قال بأن ما بين مكة وعرفة سفر.
فإن قلنا بهذا؛ فيبقى أن عليها الاعتمار -إن أوجبناه- ولو لم يكن لها محرم بشرط أن تستطيع إليه سبيلاً، ولا يسقط عنها الفرض لهذا.
3 - خروج عبدالرحمن مع أخته عائشة رضي الله عنهما إلى التنعيم ليس دليلاً يمكن اعتباره؛ لأن غاية ما فيه أنه مجرد فعل، ولا نختلف أن رفقة محرمها أولى وأفضل.
وأما الأحاديث التي ذكرتها
فمنها: «لا تُسَافِرُ امرأَةٌ ثلاثةَ أَيَّامٍ أَوْ تَحُجُّ إِلاَّ ومعها زَوْجُها» عند الدارقطني .. ولكن الفعل (تحج) معطوف على "تسافر" فيكون المعنى: أو تحج مسيرة 3أيام.
وتُحمَل الأحاديث الأخرى التي ذكرت على هذا المعنى. وارجع إلى صدر حديث ابن عباس مرفوعاً: " لا تحجنّ امرأة إلا ومعها ذو محرم " ليتضح لك ذلك:
قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- «أَيْنَ نَزَلْتَ». قَالَ عَلَى فُلاَنَةٍ. قَالَ «أَغْلَقَتْ عَلَيْكَ بَابَهَا لاَ تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ».
ثم أخي الكريم: لماذا يباح لها أن تخرج داخل مكة لحاجتها ولزيارة قرابتها وغير ذلك من المباحات بشرط عدم الخلوة، ويحرم عليها أن تخرج داخل مكة لتؤدي فريضة الله عز وجل؟!. فالشرع حكيم، والتعليل هنا ظاهر. والله أعلم.
وقد بينتُ أن قول أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله تعالى ومن وافقهما من المالكية والشافعية وجماعة من السلف في اشتراط المحرَم للسفر أظهر دليلاً وأهدى سبيلاً.
ـ[أبي عبدالله]ــــــــ[21 - 10 - 07, 01:20 ص]ـ
أخي الفاضل
أبا يوسف
كأني أفهم من كلام الإمام النووي موافقته لإمامه في جواز سفر المرأة لحج الفريضة من غير محرم.
أليس كذلك!!؟
¥